تضمن كتاب من العمامة إلى الطربوش تأليف صدوق نور الدين فصولاً مختارة من مذكرات طه حسين.. وجاء في مقدمة الكتاب أن هذه المذكرات تبني على رسم صورة عن شخصية طه حسين في أدق لحظاتها الحياتية.. فيمن التكوين إلى الكتابة ثم التعليم والأستاذية في الجامعة فالوزارة مروراً بـ طه المغني العاشق والشاعر.
ويقول المؤلف: كان صاحبنا الفتى قد أنفق أربعة أعوام في الأزهر وكان يعدها أربعين عاماً لأنها قد طالت عليه من جميع أقطاره كأنها الليل المظلم قد تراكمت فيه السحب القاتمة الثقال فلم تدع للنور إليه منفذاً، ولم يكن الفتى يضيق بالفقر ولا يقصر يده عما كان يريد فقد كان ذلك شيئاً مألوفاً بالقياس إلى طلاب العلم في الأزهر.
وكان الفتى يرى من حوله عشرات ومئات يشقون كما يشقى ويلقون مثل ما يلقى، وتقصر أيديهم عن أقصر ما كانوا يحبون قد اطمأنوا إلى ذلك وألفته نفوسهم واستيقنوا أن الثراء والسعة وخفض العيش تعوق عن طلب العلم وأن الفقر شرط للجد والكد والاجتهاد والتحصيل وأن غنى القلوب والنفوس بالعلم خير وأجدى من امتلاء الجيوب والأيدي بالمال.