أ.د.عثمان بن صالح العامر
هذه ليست المرة الأولى ولا الثانية بل ليست حتى الثالثة وجزماً لن تكون الأخيرة التي أكتب فيها أو يكتب غيري ممن يحملون الهم المجتمعي والوطني عن هذه الكليات التي جُمع فيها على الطالب السعودي (ضعف المنهج، وغياب الهدف، وضبابية المستقبل، وعدم الربط الفعلي بين مخرجات هذه الكليات وحاجة سوق العمل السعودي، وعقوبة الحرمان من المكافأة الطلابية التي تصرف لجميع طلاب الكليات الجامعية الأخرى بأمر ملكي كريم إلا من لهم حالات خاصة اعتبرها المنظم عقوبة مؤقتة تزول بزوال سببها العارض).
لقد أحسنت جامعة حائل -ممثلة بعمادة كلية المجتمع- صنعاً في عقد ندوة (كليات المجتمع بين «الواقع، والمستقبل» في ظل رؤية المملكة 2030)، التي يرعاها صباح غد الأربعاء معالي مدير جامعة حائل الأستاذ الدكتور خليل بن إبراهيم البراهيم، ويشارك فيها أهل الاختصاص والخبرة في جامعاتنا السعودية، وكذا القائمون على شأن هذه الكليات والمنظرون لها والمتابعون لمسارها التطويري بما يحقق رؤية المملكة 2030 داخل أروقة وزارة التعليم، فضلاً عمّن سبق لهم رسم استراتيجيات هذه الكليات لحظة ميلادها وإقراراها في الجامعات السعودية، ويحضرها ويشارك في المناقشة والحوار حول ما يطرح من أوراق عمل طوال يومي الأربعاء والخميس 30-31 / 1 / 2019 م عمداء كليات المجتمع في المملكة، والمهتمون بهذا النوع من التعليم، والراصدون للتحول الوطني المدروس في وزارتنا الموقرة. إنني من باب التمني أتطلع -وقد درستُ يوماً ما في إحدى هذه الكليات ولمست عن قرب واقعها المأساوي الذي لا يمكن السكوت عنه- أتمنى أن يعاد النظر أولاً: في فلسفة كليات المجتمع السعودية، وثانياً: في سياسات القبول فيها، مستفيدين من التجارب العالمية التي تفتحها غالباً للكل، ولا تقصرها على منخفضي المعدل التراكمي في الجامعة، وثالثاً: تكون هذه الكليات مربوطة بشكل كامل باحتياجات سوق العمل الفعلي، ويكون القبول فيها حسب الحاجة المحددة سلفاً من قبل القطاع الخاص ويكون التوظيف لخريجيها مضمونا مسبقاً.
لقد أصبح سوق العمل السعودي اليوم أكثر وضوحاً عن ذي قبل، فضلاً عن ذلك فإن بإمكان المخطط الإستراتيجي التنبؤ باحتياجات المستقبل في ظل رؤية المملكة 2030، وهذا يسهل بكثير على الوزارة انتشال هذه الكليات وجعل الإقبال عليها مبنياً على رغبة حقيقية من قبل الطالب الذي أصبحت لديه الثقة الكاملة بمستقبل وظيفي واعد.
أمر آخر لا أجد له حتى اليوم مبرره المنطقي ألا وهو عدم إعطاء طالب كلية المجتمع مكافأة شهرية مع أنها مقرة للطالب الجامعي من قبل ولي الأمر -حفظه الله ورعاه- أياً كان حاله وفِي أي كلية كان يدرس، ولو أردنا المقارنة وتقريب الصورة فطلاب كليات التقنية ممن يحصلون على درجة الدبلوم يأخذونها مثلهم في ذلك مثل طلاب المشاركة والبكالوريوس في جامعاتنا السعودية.
شخصياً متفائل بأن تخرج لنا هذه الندوة التي تنعقد في رحاب جامعة حائل بتوصيات مفصلية تكون إعلاناً لإسدال الستار على واقع كليات المجتمع المر إلى مستقبل واعد جميل في ظل رؤية سعودية متميزة (2030) لا تعترف إلا بالتميز والإبداع، وتعد سوق العمل في القطاع الخاص هو الموظف الأساس لشباب وفتيات الوطن.
متفائل بوجود معالي وزير التعليم الأستاذ الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ الذي عرف واقع هذه الكليات عن قرب، وخبر معاناة طلابها وطالباتها ومرارة خريجيها التي ما زالت جاثمة على صدور الكثير منهم وأولي أمورهم.
شكراً جامعة حائل على طرح كل ما من شأنه المشاركة الفعلية لتصحيح مسارنا التعليمي والتدريبي برؤية وطنية واعية وبنظرة ثاقبة مدركة أبعاد ومعالم رؤية المملكة 2030 ومنها هذه الندوة التي تأتي في وقتها المناسب، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.