إن أغلب طلاب العلم يقتصرون فيه على تعلم الضروري منه، ولكن بعضاً منهم لا يكتفي بذلك، بل تسمو نفسه إلى زيادة طلب العلم والتبحر فيه لينتقل من العلم الأولي إلى العلم المتقدم الذي يؤهله للإفتاء وتولي القضاء؛ فيشد المطي إلى البلاد التي يتواجد فيها عالم متبحر شهرته قد طبقت الآفاق، وأصبح عالماً يشار إليه بالبنان وتضرب إليه آباط الإبل، فيرحل إليه للأخذ عنه، فيلازمه سنين عديدة، فيقرأ عليه في علم فقه وحساب ونحو وحديث وتواريخ وعقائد وتفاسير وفوائد وأرواد وأحزاب وأصول وميقات، وفلك وفرائض مع توابعها من الحساب والجبر والمقابلة، وغير ذلك مما يتيسر حتى إذا تضلع من العلم واستسمن إجازة شيخه بإجازة يذكر فيها طلبة العلم عليه، وهذا بمثابة الرسائل العلمية في العصر الحاضر التي لا تمنحها إلا الجامعات العريقة والمتمكنة في الرسوخ والقدم.. ولقد رحل طلبة العلم من أهل سدير لطلب العلم خارج الجزيرة العربية، حيث كانت سدير قبل دعوة الشيخ/ محمد بن عبدالوهاب (1115- 1206هـ) -رحمه الله-، وإبان نشاطها وما بعدها كغيرها من كبريات مناطق الجزيرة العربية منارة علم ودوحة للعلماء وموطناً لكثير منهم ومدرسة يتخرجون منها، وكانوا يقصدونها وينهلون من معين العلم على أيدي علمائها وقضاتها، حيث يعقد العلماء والقضاة الحلقات في مساجدها، يقصدها طلبة العلم من سدير والوشم والبلدان المداورة.. حيث قد درس علم علمائها وقضاتها كثير من طلبة العلم، ومن علمائها الذين رحلوا لطلب العلم في بلاد الشام والعراق والهند ومصر وغيرها في العصور المتقدمة والمتأخرة ما يلي:
الشيخ/ جمعة بن جامع بن عبيد
هو جمعة بن جامع بن عبيد الملقب عبدربه بن عيسى الأنصاري الخزرجي القحطاني نسباً والمدني فالنجدي بلداً.. انتقل والده جامع مع أخيه أحمد ومعهما عائلتاهما من المدينة المنورة -على ساكنها أفضل الصلاة والسلام-، فسكنوا بلدة القصب في إقليم الوشم، ثم استقروا بها فترة من الزمن، بعد ذلك انتقلوا منها إلى جلاجل في إقليم سدير، فولد المترجم له الشيخ/ جمعة فيها، حيث طلب أهل جلاجل ابن عمه الشيخ/ عبدالله بن أحمد بن عبيد منه القدوم إليهم معلماً وكاتباً لوثائقهم وإماماً لهم فقدمت الأسرة إلى جلاجل سنة 900 تقريباً.. فولد فيها الشيخ/ جمعة في سنة 915هـ تقريباً.
والمترجم له معاصر للشيخ/ أحمد بن يحيى بن عطوة بن زيد التميمي من آل رحمة، من فخذ النواصر من قليلة تميم والذي طلب العلم في بلاد الشام.. والمتوفى في العيينة سنة 948هـ، ومعاصر لآل عتيق؛ منهم الشيخان/ بكر ومحمد العتيق.. وهما من تلاميذ الشيخ أحمد بن عطوة في العارض.. وعلي بن رزين وعلي بن مقود، فلما اشتد عوده طلب العلم في بلدته جلاجل على علمائه وتحصيل التعليم الأولي.. فتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب وقراءة القرآن الكريم في كُتَّاب جلاجل؛ وهي المدرسة الملحقة بجامع جلاجل من الناحية الشرقية، وكذلك في حلق جامع جلاجل لاسيما حلقة ابن عمه الشيخ/ عبدالله بن أحمد بن عبيد الذي طلبه أهل جلاجل إماماً للجامع ومعلماً لأبنائهم وكاتباً لوثائقهم؛ ثم سمت نفسه للتزود من العلم فشد المطي إلى الشام مع ابن عمه عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد بن عبيد.. حيث كانت بلاد الشام مقصداً لطلاب العلم من أهل نجد لانتشار المذهب الحنبلي ومشائخه هناك.
والمترجم له الشيخ/ جمعة قرأ على علماء الشام وهي في ذلك الوقت في وفرة من فقهاء الحنابلة فقرأ عليهم حتى أدرك وصار من كبار العلماء، ثم عاد إلى نجد فجلس للتدريس والإفادة وكان من كبار تلاميذه الشيخ/ محمد بن عفالق الأحسائي.. والمترجم صار أحفاده من كبار علماء الأحساء والبحرين والزبير.. كما أن للمترجم الشيخ/ جمعة أخاً اسمه أحمد.. صار أحفاده من كبار علماء الزبير والبحرين.. وتسمى تلك الأسرة العلمية (آل جامع)؛ وهي متفرعة من أسرة (آل عبيد) وتوفي المترجم الشيخ/ جمعة سنة 995هـ تقريباً؛ رحمه الله -تعالى-.
الشيخ/ عبدالرحمن بن عبدالله بن عبيد
هو عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد بن عبيد الملقب عبدربه بن عيسى الأنصاري الخزرجي القحطاني نسباً والمدني فالنجدي بلداً.. انتقل جده أحمد بن عبيد ومعه أخوه جامع وعائلتاهما من المدينة المنورة -على ساكنها أفضل الصلاة والسلام-، فسكنوا بلدة القصب في إقليم الوشم، ثم استقروا فيها فترة من الزمن، بعد ذلك انتقلوا منها إلى جلاجل في إقليم سدير سنة 900هـ تقريباً، فولد المترجم في جلاجل سنة 930هـ تقريباً.
والمترجم له معاصر للشيخ/ أحمد بن يحيى بن عطوة بن زيد التميمي من آل رحمة، من فخذ النواصر من قبيلة تميم؛ والذي طلب العلم في بلاد الشام، والمتوفى في العيينة سنة 948هـ ومعاصر لآل عتيق.. منهم الشيخان بكر ومحمد العتيق؛ وهما من تلاميذ الشيخ/ أحمد بن عطوة في العارض، وعلي بن رزين وعلي بن مقود.. فلما اشتد عوده طلب العلم في بلدته جلاجل على علمائها وتحصيل التعليم الأولي.. فتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب وقراءة القرآن الكريم في كُتَّاب جلاجل؛ وهي المدرسة الملحقة بجامع جلاجل من الناحية الشرقية، وكذلك في حلق جامع جلاجل؛ لاسيما حلقة والده الشيخ/ عبدالله بن أحمد بن عبيد، الذي طلبه أهل جلاجل إماماً للجامع ومعلماً لأبنائهم وكاتباً لوثائقهم.. ثم سمت نفسه للتزود من العلم، فشد المطي إلى الشام مع ابن عمه جمعة بن جامع بن عبيد.. حيث كانت بلاد الشام مقصداً لطلاب العلم من أهل نجد لانتشار المذهب الحنبلي ومشائخه هناك.
والمترجم له الشيخ/ عبدالرحمن قرأ على علماء الشام وهي في ذلك الوقت في وفرة من فقهاء الحنابلة فقرأ عليهم حتى أودرك ثم عاد إلى بلدته جلاجل فجلس للتدريس والإفادة فقرأ عليه ابنه محمد وحفيده عبدالرحمن وغيرهما من أبناء عمومته وأهل البلد وبلدان سدير. توفي المترجم له الشيخ/ عبدالرحمن سنة 1030هـ تقريباً؛ رحمه الله -تعالى-.
الشيخ/ أبونمي بن عبدالله بن راجح التيمي.. (من علماء القرن الحادي عشر الهجري)
الشيخ أبونمي بن عبدالله بن راجح بن أبي نمي بن راجح بن سلطان بن فاضل بن عيسى بن عرينة التيمي نسباً، من العرينات.. وهم بطن كبير من قبيلة تيم بن عبد مناة بن أد بن طابخة من إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، والعرينات يعدهم الناس من قبيلة سبيع -تصغير سبع-، وهم ليسوا من سبيع نسباً، وإنما هم منهم حلفاً، وإلا فهم من الرباب أبناء عم قبيلة بني تميم.
ولد المترجم في بلدة العودة إحدى قرى سدير.. قال الشيخ/ إبراهيم بن صالح بن عيسى:
وليس هو من آل أبي نمي الذين في العودة من آل أبي هلال، بل هو من غيرهم. ونشأ في العودة ثم أخذ مبادئ العلوم عن علماء نجد، ومن أشهرهم في ذلك الزمن الشيخ/ محمد بن أحمد بن إسماعيل، والشيخ سليمان بن علي بن مشرف جد الشيخ/ محمد بن عبدالوهاب، ثم رحل إلى القاهرة للاستزادة من العلم، فقرأ على علماء الأزهر، ومن أشهر مشايخه هناك الشيخ/ مرعي بن يوسف مصنف الغاية ودليل الطالب وغيرهما من الكتب.
قال الشيخ/ إبراهيم بن صالح بن عيسى: وقد أجازه الشيخ مرعي بإجازة هي عندي ولله الحمد. اهـ.
و قال في إجازته له: وأقرئ مزيد الفضل والتبجيل لمولانا الشيخ/ محمد بن إسماعيل، وأخينا في الله الشيخ/ خميس بن سليمان. ا.هـ.
وفي مقدمة الإجازة قال: وبعد: فإن الاشتغال بالعلم من أنفس المطالب وأعزّ ما سعى في تحصيله الطالب، لا سيما علم الفقه الذي هو غاية المنتهى، وإن ممن اشتغل به وتأمل في معانيه الأخ في الله تعالى الشاب الفاضل المتجلي بحلية الأفاضل الشيخ/ أبو نمي بن عبدالله راجح.
وأما محمد بن إسماعيل فهو العالم المشهور، وأما خميس فهو أحد أجداد الشيخ/ الفرضي محمد بن سلوم، وهو من أهل العلم ومن قضاة بلدة أشيقر.
وجملة الأمر أن الشيخ أبا نمي عاد من القاهرة عالماً متبحراً، فجلس للإفادة من تدريس وإفتاء ووعظ وإرشاد، وتخرَّج به علماء أجلاء من أشهرهم الشيخ/ خميس بن سليمان الوهيبي أحد قضاة بلدة أشيقر، وصنف منسكاً باسم: «دليل الناسك لأحكام المناسك» قال في آخره:
قال الفقير إلى الله تعالى أبو نمي بن عبدالله بن راجح بن أبي نمي بن راجح بن سلطان بن فاضل بن عيسى بن عرينة التيمي نسباً، الحنبلي مذهباً، النجدي بلداً.. فرغتُ من تبييض هذا المنسك عام 1014هـ، والحمد لله ربّ العالمين.
فهو من علماء أول القرن الحادي عشر.. رحمه الله -تعالى-.
الشيخ/ أحمد بن عيسى بن ظاهر الوهيبي التميمي
له جهود في نسخ الكتب منها نسخ كتاب (شرح منظومة الكافية في الفرائض).. وهذه النسخة محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم (9789).. قال في آخرها (كان الفراغ من تعليق هذا الشرح بعد الظهر يوم الثلاثاء خامس من رجب الأصب الحرام من شهور سنة اثنين وخمسين وألف (1052هـ)، لنفسه العبد الفقير المعترف بالذنوب والتقصير أحمد بن عيسى بن ظاهر الوهيبي التميمي الحنبلي.. تاب الله عليه وغفر له ولوالديه ولمن دعا لهم المغفرة والأمن يوم الفزع الأكبر ولجميع المسلمين أجمعين آمين.. والحمد لله ربّ العالمين؛ وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم، وهو ممن طلب العلم في الشام.. وهو من علماء قادة بني العنبر (قادة صبحا).. والده الشيخ/ عيسى بن أحمد بن ظاهر الوهيبي التميمي؛ من قضاة القارة وهو من علماء العارض؛ له تقييد شرعي وشهد على وقف كتب محمد بن جمعة بن يوسف بن مانع من علماء القارة؛ (قارة بني العنبر)، حينما كانت حاضرة منطقة سدير ومركزها في وقتها.
الشيخ/ فوزان بن نصر الله بن محمد بن مشعاب
الشيخ فوزان بن نصر الله بن محمد بن عيسى بن محمد بن عيسى بن صقر بن مشعاب. هكذا نسبه بخط حفيده الشيخ صالح بن مشعاب، فهو من المشاعيب، وهم من آل جراح من ذرية زهري بن جراح، فهم من بني ثور، وبنو ثور أحد بطون الرباب اللاحقين بقبيلة سبيع بالحلف.
فالجد الأعلى للمترجَم هو (زهري بن جراح)، الذي أنشأ مدينة عنيزة المدينة المشهورة بالقصيم، فلما كثرت ذريته وصاروا عشائر نشب الخلاف بينهم، فكان من ذريته (آل مشاعيب)، ومنزلتهم (الجادة) حي لا يزال معروفاً بهذا الاسم في عنيزة.
وُلد الشيخ المترجَم في بلدة عنيزة سواء كانت ولادته في قرية عشيرته الأصلية (الجادة) أو في قرية (المليحة) التي أخذوها من أبناء عمهم آل بكر وآل أبي غنام، ومع هذه الفتن نزح من وطنه وسكن (حوطة سدير)، ولذا اشتُهر بـ(نزيل الحوطة)، وذلك قبل نهاية القرن الحادي عشر الهجري.
قال الشيخ إبراهيم بن عيسى: (آل نصر الله أهل حوطة سدير من المشاعيب من آل حراج شيوخ بلد عنيزة من سبيع، منهم الشيخ صالح بن حمد بن نصر الله بن فوزان بن نصر الله بن محمد بن عيسى بن محمد بن عيسى بن صقر بن مشعاب). ا.هـ.
قال ابن حميد في طبقاته عن المترجَم: (عالم فاضل مشهور قرأ وأقرأ واستفاد وأفاد، كتب إلى بعض فضلاء نجد أنه رأى إجازة شيخه الشيخ أحمد القصير له، ونصّها بعد المقدمة:
(وبعد: فقد قرأ علي الأخ في الله الذكي الفاضل التقي الكامل، الشيخ فوزان بن نصر الله - بلَّغه الله من فضائل العلم مقاصده، ورحمه ورحم والده - غالب كتاب المنتهى قراءة بحث وتحرير وتروٍّ وتدقيق بلغ فيها الغاية، وانتهى فيها إلى أقصى النهاية، وأجزت له أن يروي عني ما يجوز لي روايته بشرطه المقيد عند أهله... وحضر القراءة المباركة الشيخ أحمد بن شبانة، والشيخ حسن أبا حسين، والشيخ عبد القادر عام 1099). أهـ.
وقد سافر المترجَم إلى دمشق وأخذ عن علمائها، وأشهر مشايخه فيها: العلامة الشيخ عبدالقادر التغلبي شارح الدليل، كما أخذ عن الشيخ عبدالقادر البصري الحنبلي.
وأخذ عن المترجَم عدة علماء، من أشهرهم الشيخ عبدالله بن محمد بن فيروز، والد عالم الأحساء الشهير، كما أخذ عنه الشيخ المؤرّخ محمد بن عباد الدوسري قاضي ثرمداء، فقد قال في تاريخه: (وفي 1134هـ قراءتي على فوزان بن نصر الله). اهـ.
وفاته:
توفي في حوطة سدير عام 1149هـ، رحمه الله تعالى.
الشيخ/ إبراهيم بن ناصر بن جديد
الشيخ إبراهيم بن ناصر بن جديد النجدي أصلاً الزبيري مولداً ومنشأ، فأصل بلده المجمعة عاصمة مقاطعة سدير، وولادته في بلد الزبير التابعة للعراق، حيث يسكن في الزبير الذي تكثر به الأسر النجدية.
قال صاحب (السحب الوابلة) ما خلاصته: نشأ نشأة حسنة، فقرأ القرآن وحفظه، وحفظ مختصر المقنع وألفية الآداب وغيرهما، وقرأ على مشايخ الزبير، ثم ارتحل إلى الشام للتلقي عن علمائها، فسكن المدرسة المرادية مدة أربع عشرة سنة، وأكبَّ على المطالعة والاشتغال، وأكثر حضوره على الشيخ أحمد البعلي، فأخذ عنه التفسير والقراءة والحديث والفقه والنحو والأصلين وغيرهما.
ثم أجازه هو وغالب علماء دمشق من أهل المذاهب، منهم:
1 - الشيخ أحمد بن عبدالله البعلي، مؤلِّف الروض الندي شرح كافي المبتدي وغيره.
2 - الشيخ مصطفى بن الشيخ محمد النابلسي.
3 - الشيخ العلامة أحمد بن عبيد الشهير بالعطار الشافعي.
قال ابن حميد في السحب الوابلة: وبعد أن قضى وطره من الشام قدم إلى الأحساء للأخذ عن علامتها الشيخ محمد بن فيروز، فقرأ عليه فنوناً عديدة، ثم رجع إلى بلده الزبير، فتلقاه أهلها خاصتهم وعامتهم بالإكرام التام، وصار إليه المرجع في أمور الدين، وطلبوا منه أن يتولى القضاء فأبى، فلم يزالوا به حتى ولي بغير معلوم ولا خدم، وصار خطيب الجامع وواعظه الذي تذرف من خطبه المدامع، ومدرس الفقه ومفتيه، وكان في الفقه ماهراً، وفي الزهد والتقى باهراً، متواضعاً جداً.
وفاته:
توفي يوم الاثنين في الثالث عشر من شهر شعبان عام 1232هـ، ودُفن بجوار قبر الزبير بن العوام رضي الله عنه.
الشيخ/ عبدالله بن عيسى المويسي
هو الشيخ عبدالله بن عيسى الشهير بالمويسي (تصغير موسى) الوهيبي التميمي نسباً، الحريملي النجدي بلداً، وُلد في بلدة حرمه إحدى بلدان سدير بنجد، قرأ على مشايخ نجد ثم ارتحل إلى دمشق للأخذ عن علمائها فأخذ عنهم، ومن أشهر مشايخه العلامة محمد السفاريني المشهور، وكان من وصايا السفاريني لتلميذه المويسي:
(أوصيك بوصية الله لعباده هي التقوى، تمسك بها فمن تمسك بها فقد تمسك من الشريعة بالجانب الأقوى، طالع كثيراً تكن عالماً جليلاً).
وجد واجتهد حتى مهر في الفقه ثم عاد على وطنه فصادف رجوعه قيام الشيخ محمد بن عبدالوهاب لنشر دعوته السلفية، وأخذ يرد على الشيخ وأتباعه فصار من أكبر المعادين لها.
توفي في مرض أبو دمغة الذي حدث في بلدان نجد سنة 1175هـ، رحمه الله تعالى.
الشيخ/ سليمان بن جمهور
هو الشيخ الفاضل سليمان بن محمد بن سليمان بن منصور بن سليمان بن محمد بن جمهور العدواني، يجتمع مع الأمير الشهير عثمان بن عبدالرحمن بن عويد بن جمهور الملقب (المضايفي)، يجتمعان في جدهما (جمهور)، والأمير عثمان المذكور ناصر الدعوة السلفية في امتدادها الأول ثم راح شهيراً في سبيلها.
نزح أهل المترجم من ضواحي الطائف إلى نجد فسكنوا جلاجلاً فولد فيها سنة 1265هـ، أخذ مبادئ القراءة والكتابة ودراسة القرآن الكريم إلى أن حفظه بجلاجل، ثم أخذ العلم على قاضي سدير ومقره جلاجل في بداية عهد الملك عبدالعزيز، الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري، ثم سمت همته لطلب العلم فسافر إلى العراق وأقام ببغداد واتصل بعلمائها الألوسيين، فلازم الشيخ نعمان بن محمود الألوسي وابن أخيه السيد شكري الألوسي، ثم رحل إلى الهند للتجارة واتصل بعلماء الحديث هناك، ثم عاد إلى العراق فسكن الزبير وكانت تزدحم بفقهاء الحنابلة فلازمهم كما لازم غيرهم في علوم العربية، ومن أبرز مشايخه فيه العلامة محمد بن عوجان، والمترجَم صاحب موهبة شعرية وله عدد من القصائد وهي عبارة عن مجموعة من الرسائل التي وجهها إلى الملوك والأفراد والشيوخ والقضاة في زمانه وبعض التفاوى والخطب والوصايا الدينية المختلفة، توفي في جلاجل سنة 1361هـ، رحمه الله تعالى.
الشيخ/ محمد بن عبدالله بن حمد بن طراد الدوسري
هو الشيخ محمد بن عبدالله بن حمد بن طراد الدوسري، أصله من آل سيف أهل العيينة، وعشيرته القريبة يقال لهم: آل أبا الحسين، والبطن الذي ينسبون إليه يقال لهم: آل منديل.
قال الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى: (وأصل بلده (حرمة) وهو من آل سيف أهل العيينة، ومن خطه نقلت). أهـ.
ولد المترجَم في (حوطة سدير) وقرأ على علمائها، ثم رحل إلى دمشق فقرأ على علمائها حتى أدرك.
قال الشيخ إبراهيم بن عيسى: (ذكر - المترجم - في رحلته إلى الشام أن ذلك عام سبعة وسبعين ومائة وألف، وقد درس على حنابلة الشام، ثم عاد إلى بلده ودرَّس وأفتى، ثم ولي قضاءها حتى توفي، وصنف رحلة ذكر فيها رحلته إلى البلاد الشامية).
وزاد الشيخ ابن عيسى بقوله: (تملك الشيخ محمد بن طراد النجدي الحنبلي شرح الإقناع في جمادى الأولى عام 1183هـ). أهـ.
مشايخه:
1 - العلامة الشيخ محمد السفاريني النابلسي، أخذ عنه في دمشق.
2 - الشيخ الكهمري البصري.
تلاميذه:
1 - الشيخ العلاَّمة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين، أخذ عنه في روضة سدير.
وفاته:
توفي في بلده (حوطة سدير) عام 1225هـ، رحمه الله تعالى.
الشيخ/ عثمان بن قائد النجدي
هو العالم الجليل والمحقق الفقيه العلامة عثمان بن أحمد بن عثمان بن أحمد بن قائد، النجدي مولدًا الدمشقي رحلة، القاهري سكنًا ومدفناً، وُلد في حوطة سدير سنة 1022هـ، نشأ نشأة حسنة وقرأ القرآن الكريم بنجد حتى حفظه وقرأ على علماء العيينة وما حولها، وقرأ على ابن عمته قاضي الرياض الشيخ عبدالله بن محمد بن ذهلان وعلى غيره من فقهاء نجد حتى برع في العلم، ثم رحل إلى بلاد الشام وهي مقصد طلاب العلم من أهل نجد لانتشار المذهب الحنبلي ومشايخه هناك، فكان مقصده دمشق إذ كانت في ذلك الوقت في وفرة من فقهاء الحنابلة، فقرأ على الشيخ محمد البلباني والشيخ عبدالقادر التغلبي والشيخ محمد أبو المواهب وغيرهم، ثم رحل إلى مصر فأخذ على علمائها، فقرأ على الشيخ محمد الخلوتي والشيخ عبدالحي العماد، وله خط فائق مضبوط. توفي بالقاهرة يوم الاثنين 4-5-1097هـ، وله أحفاد في سدير يُعرفون بآل عثمان، رحمه الله تعالى.
الشيخ/ غنام النجدي
هو العالم الجليل والفقيه الفرضي الحاسب الشيخ غنام بن محمد بن غنام النجدي مولداً، الزبيري أصلاً، وُلد في سدير، ورحل إلى البصرة أو الزبير ثم إلى بلاد الشام، وله من العمر ثماني عشرة سنة، حفظ القرآن الكريم وشرع في طلب العلم بهمة سامية، فقرأ على علماء الشام ولازم العلامة الشيخ أحمد البعلي في الفقه وأصوله والحديث والفرائض مع توابعها من الحساب والجبر والمقابلة وغيرها من العلوم، كما لازم العلامة الشهاب أحمد العطار وأجازه بخطه في مروياته، ثم عاد إلى الزبير وتفقه على علمائها ثم إلى البصرة فلازم العلامة محمد بن فيروز، ثم إلى بغداد فقرأ على علمائها الألوسيين، بعد ذلك عاد إلى دمشق وسكنها ولازم علماءها الحنابلة حتى أدرك في فنون عديدة ونبغ في الفقه والفرائض والحديث، ثم جلس للطلبة في الجامع الأموي فالتف إلى حلقاته طلبة كثيرون، ظل سنين وهو متجرد لنفع الخلق تدريساً وإفتاءً فانتفع بعلومه خلق كثير، فكان يُسمى مفتي الحنابلة بالشام، توفي في 8-11-1237هـ ودُفن بالمقبرة الذهبية من مرج الدحداح وقد خلف ابنه العلامة عبدالرحمن بن غنام، رحمهما الله تعالى.
** **
الباحث/ عبدالعزيز بن محمد الفايز الواصل - سدير - جلاجل