سلطان المهوس
يناير 2017 كشف الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بالتعاون مع الفيفا عن أكبر عملية تزوير للجنسية بالقارة الآسيوية بعد تلقيه تأكيدًا من وزارة العدل في جمهورية تيمور الشرقية بأن جوازات سفر 9 لاعبين بمنتخب تيمور الشرقية أصبحت ملغاة، وأن اللاعبين غير مسموح لهم بالتسجيل في أي مسابقة، سواء بوصفهم مواطنين من تيمور الشرقية، أو باستخدام جوازات سفر من تيمور الشرقية، تحمل أسماءهم. وحرم «الآسيوي» منتخب تيمور من المشاركة ببطولة آسيا 2023 بجانب اعتباره مهزومًا بـ 29 مباراة سابقة مع عقوبات مالية وإدارية..!!
التحقيقات كشفت عن وجود 12 لاعبًا، وُلدوا في البرازيل، كانوا مسجلين لدى الاتحاد الآسيوي بناء على وثائق ميلاد أو تعميدات مزورة؛ إذ قدمت هذه الوثائق إلى الاتحاد الآسيوي لإثبات أحقية اللاعبين في تمثيل منتخبات تيمور الشرقية بدعوى أن أحد الوالدين أو كليهما وُلدا في تيمور الشرقية، وتبيَّن أن هذه الوثائق مزورة.
عندما أتاح الاتحاد الدولي للعبة فرصة اللعب عبر «التجنيس» كان هدفه ساميًا وإنسانيًّا؛ فالقصد هو حق اللاعب في ممارسة كرة القدم في منتخب ينتمي لدولة أعطته الجنسية في ظروفها الطبيعية «الولادة - الهجرة - اللجوء - الإقامة - الزواج - العلاقة البيولوجية بالأب والأم... إلخ»، لكنه لم ينتبه إلى أن الأمر قد يتخذ جانبًا سلبيًّا؛ إذ يمكن من خلال الهدف الإنساني الاختراق لتحقيق أهداف غير شريفة، لا تخدم عدالة المنافسة الكروية، وتضرب بالنظام عرض الحائط عبر التسهيلات الحكومية، وتقديم الوثائق المزورة التي تحتاج إلى تحقيقات مكثفة، وتعاون حكومي للكشف عنها..!!
اقترحت على عاملين بالاتحاد الآسيوي أن يتم التعاون مع الفيفا لتأسيس نظام إلكتروني خاص بالاتحادات الراغبة في الاستفادة من اللاعبين الحاملين جنسياتها، يماثل نظام «TMS» الخاص بتسجيل اللاعبين المحترفين، مع وضع فترات محددة للتسجيل وقبول الطلبات من قِبل «لجنة أهلية اللاعبين بالفيفا»، ورفع مستوى عقوبات التزوير والتضليل لدرجات قصوى، تصل إلى حد إقالة أو إيقاف الاتحاد، مع شطب نتائج الفئة التي شارك بها اللاعبون، والتجريد من أي لقب شارك به المزورون..!!
كما اقترحت أن يطلع الجميع على طلبات أهلية المشاركة؛ لكي تكون متاحة للكشف عن تزويرها من أول مرحلة.
أنا مؤمن بأن التجنيس النظامي والهدف الدولي الكروي يبقى أمرًا رائعًا لفئة يجب أن يتم دعمها ومساندتها ورعايتها.. لكن أن تكون الجنسية مربوطة فقط بالمشاركة الكروية الرياضية فذلك يتنافى مع أبسط قواعد التنافس الشريف والعدالة.. وعلى الاتحاد الدولي - وهو المسؤول الأول عن هذا الأمر - أن يعيد النظر في الاختراقات التي تحصل، وكشف تورط الحكومات في تسهيل تلك الإجراءات، ووضع الأمر أمام شفافية واضحة، تتيح للجميع الاطلاع على الأسماء دون البيانات الخاصة، واعتماد عقوبات قاسية جدًّا للمتلاعبين.
الاتحاد الآسيوي بقيادة الشيخ سلمان بن إبراهيم تنبه جيدًا للقضايا التي تمس نزاهة كرة القدم؛ لذلك سارع لوضع ميثاق السلوك والنزاهة، وتعاقد مع شركات عالمية للنزاهة، ولديه وحدة خاصة للنزاهة، وإحدى أقوى اللجان القانونية في العالم، وأهم الشخصيات في لجنة الانضباط.. وما نأمله أن يولي اهتمامًا خاصًّا للانفراد بوضع قواعد راسخة وقوية وصامدة بالتعاون مع الفيفا نظرًا إلى أن القارة الآسيوية هي الأكبر والأغنى والمسيلة للعاب كل الحالمين بالدولارات حتى وإن تطلب الأمر أن يعبثوا بتاريخ آبائهم وأمهاتهم؛ فالمسألة ورقة مختومة، لا يفضحها سوى الشفافية، والشفافية فقط..!!
النظام.. عدالة.