عبده الأسمري
بمعية القلم وسجية العلا روضت «طوفان» الأمنيات فحولته إلى «برهان» للإنجاز في محفل عمر حضر فيه «الامتياز» كفصل إِنساني جاور الفصول الأربعة.. ارتدت جلباب «اليقين الأدبي» وطرزت عباءة «وطنية» خضراء بمقاسات «معرفية» لتكون «منتجًا» أول وإنتاجًا «أمثل» للباحثات عن أسرار النهج واللاهثات خلف مراكز التوهج.
إنها الكاتبة والأديبة والأكاديمية الدكتورة خيرية السقاف رائدة السعوديات في الصحافة وأحد أبرز الأديبات والأكاديميات على خريطة الوطن.
بمحيا محتشم مكتمل الحضور وبطلة تحفها «الطمأنينة» وأناقة تعتمر رداء فضفاضًا ونقابًا يعكس روح التربية وطلة مشفوعة بالسكينة وصوتًا هادئًا مملوءًا بلهجة بيضاء تسكنها مفردات الحسنى والتواضع الجم مع لكنة مسجوعة بتراتيب لغوية فاخرة مجودة تكاد تكون «مشهدًا مرئيًا» وعبارات مختصرة منتصرة تحفل بالصفاء وترفل بالانتقاء قضت السقاف أكثر من أربعة عقود وقد اكتمل «الإنتاج» بدرًا في مدارها الإبداعي ناثرة عبير الحرف على الصفحات وعبر الزوايا وعلى الأعمدة وبين السطور لتكون وجهًا فريدًا ومدادًا سديدًا وعتادًا ناعمًا ظل «منهجًا بشريًا» يوزع الخطط وينوع الأدوار ويقطف الثمار ليرسم خريطة العطاء النسائي في الإعلام والأدب بخطوط وردية ومسارات ودية على درب مفروش بالوجود ليكون للنساء «نصيب» مما تعلمن من «المنهجية الخيرية» التي جادت بها بإنتاج باذخ وأجادت فيها بسخاء شامخ.. ناصبة لها «الصرح» الأول في أتون «الأولويات» ومتون البراهين.
في الرياض كانت خيرية طفلة تراقب مكوث والدها مدير عام وزارة المالية والاقتصاد الوطني على ملفات «وزارته» وهو يدون التعاليم ويشرح المعاملات ممطرة وقته بعشرات الأسئلة التي اعتمرت عقلها الصغير لتضعها «معاملة يومية» في جدول أعماله ليعلن لها نهاية كل يوم ببشائر أبوية كان يراها واقعًا مشفوعًا بنبوغ باكر وتربت في «نعيم أمومة» غمرتها بالدعوات وأمطرتها بالحنان وانخطفت باكرًا إلى مراسم النخوة في تعاملات «الجيرة» ومعاملات الأخوة في جنبات العائلة.. فظلت «موسمًا» للفرح ومرسمًا للبهجة في محافل الأسرة لتكون «الابنة البارة» والفتاة السارة التي رسمت السرور تفوقًا وأعلنت الإنجاز اتفاقًا في ميادين التنافس حيث توسمت عائلتها فيها «خيرًا» فكان اسمها «تركيبة لنبوءة مبكرة» توشحت بالتأكيد وتوطدت بالحقيقة.
كانت السقاف تنهي واجباتها باكرًا لتحزم حقيبة «الكتب الدراسية» ثم تأوي إلى «الكتابة» كركن شديد يشبع وجدانها المكتظ بالأحلام المدجج بالتعبير فكانت تقتنص الوقت وتقنص العبارة وتراقب «عناوين الصحف» لتعلن موعدها الأول مع المقالات وهي على مقاعد الثانوي معلنة عن مشروع أنثوي بارع قارع «الزمن» وصارع «التوقيت»واعتلى صهوة «الأولوية» مبكرًا. متنقلة بين صفوف الجامعة حاملة النجاح في كف والكفاح في قبضة.
أنهت السقاف تعليمها العام ونالت بكالوريوس اللغة العربية وآدابها من جامعة الملك سعود ثم ماجستير في مناهج اللغة والأدب وطرق تدريسها من جامعة ميزوري بأمريكا ثم حصلت على الدكتوراه في مناهج دراسة وتدريس اللغة العربية وآدابها من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. عملت عضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود وعضو اللجنة العلمية في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة. ثم عُينت وكيلة لكليات البنات بجامعة الملك سعود بالرياض كأول وكيلة نسائية على مستوى الجامعات السعودية كما عُينت عميدة لمركز الدراسات الجامعية للبنات في جامعة الملك سعود (1990 - 1997).
في أولوية نالت السبق فيها عينت مديرة تحرير في جريدة الرياض خلال الثمانينات لتكون بذلك أول صحفية سعودية تنال هذا المنصب وكانت أول من أشرف على أول ملحق نسائي بصحيفة سعودية.
أصدرت السقاف عدة مؤلفات أدبية وهي «أن تبحر نحو الأبعاد، ومختارات من أدب الجزيرة العربية الحديثة، وقصص اغتيال الضوء، وقصص أصوات التغيير، وعندما تهب الريح يعصف المطر وتم ترجمتها إلى عدة لغات، وتم تكريمها في عدة محافل وكرمتها القيادة الرشيدة بمنحها وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى في الجنادرية 32 نظير جهودها وعطاءاتها.
خيرية السقاف شخصية صنعت «الدهشة» وخطت «المثالية» وتخطت جغرافيًا المكان وانطلقت من أرضية خير مفتوحة «الحدود» من عمق التمهر الأدبي والتروحن المعرفي إلى أفق مفتوح من سقف «التفكير» لتصنع لها «الهوية الأدبية الخاصة» ليكون اسمها «قيمة وقامة» و«وقعًا وتوقيعًا» في غنائم الشرف ومغانم التشريف.