عبدالعزيز السماري
أصبحت الإدارة الجيدة نقطة التحول في أي مؤسسة أو دائرة حكومية أو غيرها من المسؤوليات، فالإدارة فن لا يجيده إلا الموهوبون في هذا المجال، وتأتي الصعوبة في الاختيارات لهذه المناصب أنه لا يوجد فحص مبدئي لاكتشاف المواهب في الإدارة، وذلك لأن المهارات الإدارية لا تظهر في مقابلة شخصية، ولكن تكشفها الأيام..
من الصعوبة في بعض الأحيان أن يتضح الفرق بين الفتوة والإدارة، ويمكن للفتوة أن تكون سمة كامنة عند الكثير، لكنها لا تظهر إلا عندما يكونون في موقع المسؤول أو المدير، والفتوة تعني أن تخلق حالة من الصراع في مكان العمل والتسلط والتحكم من خلال التنمر على الموظفين، وتلك أسوأ أنواع الإدارات وأكثرها تدميرًا للإنتاجية..
بينما يعد المفتاح الحقيقي لنجاح القيادة هو تعلم كيفية تفويض كل من المسؤولية عن إكمال المهام والسلطة المطلوبة لإنجاز المهام، وفتح المجال للإبداع، بينما تؤدي السيطرة على كل ما يفعله الموظفون إلى كارثة، وعادة ما يكون الشلل نتيجة حتمية لها، لكن عندما يقوم الإداري برفع مستوى الثقة بالعاملين والتعامل معهم من خلال ثقافة الإنجاز، فإنه في حقيقة الأمر يضاعف مقدار العمل الذي يمكنك إنجازه، ويؤدي بالتالي إلى تطوير ثقة الموظفين والقيادة ومهارات العمل.. كل موظف يحتاج إلى أهداف للسعي من أجلها، ولا يجب أن تقتصر تلك الأهداف على إعطاء الموظفين التوجيه فحسب، بل تضمن أيضًا أن موظفيك يعملون على تحقيق الأهداف التنظيمية العامة، والنجاح الحقيقي أن تحدد أهدافًا محددة وقابلة للقياس مع موظفيك، ثم المراقبة بانتظام لتقدمهم نحو تحقيقها، وغاية الموظف أو العامل الاعتراف من رؤسائه بالنجاح في العمل، وبالتالي توجيه المكافآت والتقدير لأولئك الذين حققوا الإنجاز وأكملوا المهمة في زمن قياسي، بينما تؤدي التفرقة وبيئة الصراع وإجهاض النجاحات إلى الإحباط في بيئة العمل..
البلطجة في الإدارة تضر بالسلامة العقلية للموظفين، والتي يمكن أن تؤثر سلبًا في الشركات أو المؤسسات التي يعملون بها، ويمكن أن يقلل التنمر من معنويات الموظفين، وقد يؤدي حتى إلى إصابة بعض الموظفين بالقلق أو الاكتئاب، ويميل العمال ذوو المستويات المعنوية المنخفضة إلى أن يكونوا أقل إنتاجية وأقل ولاء لأصحاب عملهم، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى معدل أعلى من التغيب والإهمال.
بيت القصيد هنا أن هناك خطًا رفيعًا بين الشخصية القيادية والشخصية الفتوة أو البلطجية في الإدارة، وقد يكون الأمر في غاية الصعوبة في مرحلة الاختيار للتفريق بينهما، وعندما تظهر لاحقًا سمات الفتوة والتنمر في شخصية المدير تحل الكارثة، وما لم تتم إقالته مبكرًا في أسرع وقت يتدهور العمل ويتحول إلى أشبه ببيئة الغابة، فصاحب الفتوة يتغذى على الصراع ويتنفس هواء السلبية، وبالشعبي يعمل على «تعقيد الشوش»، أي الإيقاع بين الموظفين بإثارة نقاط الاختلاف والخلاف بينهم ثم تضخيمها، والعمل على عدم القيام بدوره في حلها من خلال التواصل الإيجابي.