صيغة الشمري
شكلت موافقة مجلس الشورى على مقترح نظام الشرطة البيئية وإسناد دراسة المقترح إلى لجنة المياه والزراعة والبيئة بالمجلس، خطوة حضارية مهمة انتظرناها لسنوات، أرى أنها ستحدث فارقاً في وعي وثقافة المجتمع بالقضايا البيئية وتغيير نظرته لكيفية التعامل مع البيئة المحيطة وخلق المزيد من الإحساس بالمسؤولية تجاه مثل تلك القضايا، والمقترح الجديد يهدف بشكل واضح إلى حماية جميع أنواع البيئات من هواء وماء وتربة من التلوث، وتوفير المحافظة اللازمة على الموارد الطبيعية والتنوع الحيوي واستخدامها والمحافظة على سلامة الأرواح والصحة العامة، بالإضافة إلى تطبيق المعايير البيئية وإنفاذ العقوبات للمخالفين حسب الأنظمة البيئية المعتمدة، وبالرغم من أن وسائل الإعلام ركزت في تناولها لقرار المجلس على دور النظام المقترح في مساعدة الجهات المسؤولة عن البيئة عبر توحيد جهة القبض في جهة عسكرية واحدة لها قوة التنفيذ وعلى أشكال العقوبات المختلفة التي سيخول لهذه الشرطة إيقاعها بحق المخالفين، إلا أن ذلك من وجهة نظري ليس هو الجانب الأهم في المقترح، فالمقترح الذي تقدم به كل من الأعضاء الدكتور محمد الجرباء، والدكتور محمد الحيزان، والدكتور سالم الحربي، واشتمل على 28 مادة؛ ركز بشكل خاص على نشر الوعي البيئي على جميع المستويات بالتعاون مع الجهات المختصة بالبيئة ووسائل الإعلام المرئية والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو الشق الأهم والحيوي الذي كان يجب أن يركز عليه الجميع ويشارك فيه خاصة وسائل الإعلام، فمن السهل أن نكون قوة للشرطة تقوم بهذا الدور ولكن الأصعب هو أن تجعل الحفاظ على البيئة ثقافة ووعي لدى المواطن، أن تجعل حمايته لبيئته المحيطة به ورعايته لها نابعًا من طبيعته الشخصية وأخلاقه وليس من الخوف بسبب وجود عقوبات بالحبس والغرامة، ففكرة الشرطة البيئية موجودة بالفعل لدينا ولكنها موزعة ومشتتة بين عدة جهات وهو ما أدى إلى ضعف متابعة المخالفات البيئية، إلا أن نجاح النظام المقترح لن يتوقف على توحيد هذه الشرطة في قوة واحدة لتسهيل عملية تلقي الشكاوى والتعامل معها، بل على قدرته في بناء فكر جديد لدى المواطن السعودي ورؤية مختلفة تجاه البيئة، لتكتمل المنظومة الحضارية التي تعمل قيادتنا على بنائها وتشييدها ضمن خطتها لبناء مستقبل مختلف.