يوسف المحيميد
منذ انهيار أسعار النفط في يونيو 2014 وخسارة الأسواق نحو 60 في المائة من سعر البرميل، وفنزويلا تزداد معاناة على المستوى الاقتصادي، وترتفع معدلات التضخم فيها إلى أرقام قياسية غير معهودة، بينما محاولات الرئيس نيكولاس مادورو المستمرة، ورحلاته المكوكية لا تنتهي، بحثًا عن تعديل الأسعار، دون جدوى، على الأقل، لمدة عامين كاملين، قبل اجتماع الجزائر وتوقيع اتفاقية خفض الإنتاج بين دول «أوبك»، وخارجها، على رأسها روسيا، أحد أكثر ثلاثة منتجين في العالم.
ما يحدث في فنزويلا يصعب وصفه بالتدخل الأمريكي المباشر، لأن الانهيار الاقتصادي، وتفشي الفساد في البلاد، وهجرة الملايين من الفنزويليين منذ عام 2014 بحثًا عن العيش الكريم، هو ما قاد الشارع للخروج ليس على مادورو، وإنما على نظام حكومته بأكمله، وبالتالي ما يحدث هو إرادة الشعب الفنزويلي، وإدراكه بعدم نزاهة الانتخابات الأخيرة، بولاية مادورو لفترة ثانية تنتهي في عام 2025، وقد تكمن خطورة الأمر في انقسام العالم كما انقسام فنزويلا، التي تضامن الجيش فيها مع مادورو ضد الشعب ورئيس البرلمان خوان غوايدو، الذي أعلن نفسه رئيسًا انتقاليًا، حظي بتأييد الولايات المتحدة ودعمها، تبعتها كندا وكولومبيا والبرازيل، وكذلك فرنسا وبريطانيا، ورفض روسيا ودول تابعة كتركيا وإيران، بينما بقية دول الغرب تتفق على عدم نزاهة الانتخابات الأخيرة، ويطالب دعم الشعب الفنزويلي وحمايته.
هذه الأحداث المتسارعة في الشارع الفنزويلي، وقطع نظام مادورو العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وتحذير روسيا لأمريكا بعدم التدخل العسكري الذي وصفته بالكارثي لو حدث، يقابله ترقب عربي، وتحليلات معظمها هزيلة، يربط بعضها الموقف الأمريكي بسبب مواقف مادورو المناضلة، ودعمه للقضية الفلسطينية، تلك السلعة التي يزايد فيها الجميع، وكذلك وقوفه مع إيران ومن يدور في فلكها من الدول العربية، وكذلك تركيا. هذا العالم لا نعرف إلى أين يمضي خلال هذين العامين، ليس فيما يحدث في أمريكا اللاتينية، الحديقة الخلفية، وإنما في كل حدائق العالم المهجورة والمنسية!