إبراهيم عبدالله العمار
سقط كيفين سبيسي. الكثير يعرفه من برنامج House of Cards، وهو ممثل بارع وله أدوار ممتازة في أفلام مثل Glengarry Glen Ross و LA Confidential وSe7en وغيرها، لكن كما يقال: سقوط العملاق أعلى دويّاً. أتته اتهامات بأفعال شاذة وزاد من يتهمونه بذلك ففُصِلَ من مسلسله وصار منبوذاً في هوليوود (وهذا مضحك لأن هوليوود أقذر أوحال الانحطاط في العالم!).
أتى هذا السقوط إثر سقوط هارفي واينستين، منتج أفلام وله نفوذ كبيرة، فاتُّهِم بالتحرش الجنسي من قبل ممثلات وموظفات ودوى سقوطه كالرعد، وهذا الذي فتح الباب وشجّع الناس أن يتقدموا وينشروا غسيل الفن الوسخ، فلم يسقط هذان الاثنان فقط بل توالت الاتهامات على المشاهير مثل الممثل داستن هوفمان والفكاهي لوي سي كي والمخرج بريت راتنر والإعلامي مات لاور وحتى ليسلي مونفيز أحد أقوى رؤساء الشركات الفنية والإعلامية. ويتضح تسمم الجو في أمريكا بين المرأة والرجل، فقد ظهرت بعد فضيحة واينستين حركة إعلامية وهي هاشتاق #MeToo في تويتر، وتعني «أنا كذلك (ضحية)»، وتوالت الاتهامات ضد الرجال سواءً كانوا من كبار المشاهير أو لا، وصار مجرد الاتهام كافياً لصَلب المتهم إعلامياً والتشهير به وتدمير مستقبله وسمعته، بلا أي حاجة لدليل أو محاكمة.
الطريف في الأمر أن المرأة الأمريكية ظلت ردحاً من الزمن تتسابق مع الرجل وتتساوى معه بل وفاقته في الكثير من الأمور، والقانون هناك يفضل المرأة إلى درجة كبيرة ويحكم لصالحها في حالات مثل الحضانة والطلاق وغيرهما، وتصر الأمريكية أنها لا تقل عن الرجل كفاءة وعلماً.. و و وو.. بل حتى قوة جسدية! وصار مجرد التلميح بحياء إلى أن المرأة والرجل مختلفان عقلياً أو عضلياً (ولو أثبت العلم ذلك) كافياً لقتل الرجل مهنياً واجتماعياً. مثلاً في عام 2005م تكلم لاري سمرز مدير جامعة هارفارد في مؤتمر يحاول البحث عن سبب قلة النساء في مجالات العلوم والرياضيات، فذكر أسبابًا عدة لم يعترض عليها أحد، ثم لما ذكر أن بعض الاختلافات البيولوجية بين الجنسين لها علاقة جن جنون الأمريكيات، وشعرن بالإهانة، وقالت إحدى الأستاذات أنها كادت تفقد وعيها لما سمعت ذلك! واعتذر لاري مرة تلو الأخرى لكن ظلت الأمريكيات متغيظات، وعرض المدير 50 مليون دولار لمبادرات تزيد عدد الوظائف النسائية في الجامعة، ولم يكفِ ذلك، وفُصِل لاري أخيراً.
لهذا لا تملك إلا أن تبتسم وأنت ترى حركة #MeToo في أمريكا، فهي اعتراف الأمريكية بضعفها عند الرجل وعجزها عن مقاومته، ولا تستطيع إلا أن تقتص منه عن طريق الإعلام أو القضاء، عن بُعد، في أمان البيت، ومن شاشة الجوال.