استضافت اثنينية الذييب الأسبوع الماضي الشيخ الدكتور بدر المشاري الداعية السعودي؛ وذلك للحديث عن الحياة النبوية واللمحة العصرية الموجودة في السيرة النبوية بمختلف أحداثها، وكيف أن قرارات النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وسياساته صالحة لكل زمان ومكان.
واستهل الدكتور الشيخ حديثه بالتشديد على أن السيرة لا يمكن أن تنحصر فقط في غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ إن الجزء المدني والحياة الاجتماعية فيها الكثير من الدروس والعِبر التي يستفاد منها لتنظيم حياة الناس وظروف المجتمع الذي نعيش فيه الآن.
فمنذ لحظات الوصول الأولى للمدينة المنورة بدأ النبي الكريم بوضع القواعد والنظم الضرورية التي ستساعد على المواءمة بين أطياف المجتمع المدني كافة في ذلك الوقت. يقول الشيخ بندر: «من أكثر الخطب التي استوقفت حتى المستشرقين الدارسين لسيرة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- حديثه الذي ألقاه على مسامع الناس أول ما وصل للمدينة، وهو حديث (أيها الناس، أفشوا السلام..) إلى آخر الحديث؛ إذ أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأربع وصايا، هي قوام صلاح الفرد والمجتمع، ولا يمكن لمجتمع أن يهنأ دون أن يكون في أهله هذه الخصال الأربع: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، وصلة الأرحام، وقيام الليل».
وأشار الشيخ إلى أن بداية الخطاب بت»يا أيها الناس» كان مقصودًا؛ ليشمل أطياف المجتمع كافة، بمن فيها الأنصار والمهاجرون، وحتى اليهود غير المسلمين؛ إذ إن إفشاء السلام هو مفتاح المودة والألفة بين الناس؛ فقد كان ذلك من مقومات إذابة الفواصل بين أفراد المجتمع. أما إطعام الطعام فكان ضروريًّا التشديد عليه بسبب إعانة المهاجرين الذين تركوا أموالهم وديارهم من أجل الهجرة.
كذلك وصية صلة الرحم والتعبُّد لله تعالى بالليل؛ لما لذلك من تزكية الفرد لنفسه، وزيادة ارتباطه بالخالق -جل وعلا-.
بعد ذلك تطرَّق الشيخ إلى بعض لمحات من حياة النبي في المدينة، وكيف تعامل مع الأحداث المختلفة لإدارة مجتمع المدينة، بل تقسيم فئاته إلى تجار وعمال وزراع بهدف النهوض بهذه المدينة اقتصاديًّا؛ لكي يُضمن لكل فرد عملٌ يعينه في حياته.
وأثرى الشيخ بندر الأمسية التي شهدت حضورًا كثيفًا بكثير من المواقف النبوية والدروس التي نحتاج إليها في ممارساتنا اليومية.
وفي نهاية الأمسية تقدَّم الأستاذ حمود الذييب بالشكر الجزيل للشيخ بندر المشاري على محاضرته الرائعة، وقدم له درع الاثنينية التذكارية.