م. خالد إبراهيم الحجي
إن السياحة هي السفر والتنقّل من بلدٍ إلى آخرٍ بهدف التنزه والترفيه والمتعة والترويح عن النفوس وتجديد النشاط أو الترحال وحب الاستطلاع للحضارات القديمة والحديثة ومشاهدة العجائب ورؤية الغرائب في أرجاء المعمورة. وتُعَرِّف منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة السائح بأنه هو الشخص الذي ينتقّل من مكان إقامته إلى مكانٍ آخرٍ بهدف السياحة مسافة لا تقل عن (80) كيلومتراً. والمعنى التجاري للسياحة هو توظيف الأموال في تنظيم وتشغيل الرحلات السياحية، وتوفير الخدمات المتعلّقة بالسفر والضيافة للسائحين، وترتيب الزيارات إلى الأماكن السياحية المختلفة. ويعتمد نجاح السياحة وتقدّمها وازدهارها على القيادة الحكيمة، والدعم والمساندة المستمرة من الهيئات السياحية الحكومية والقطاع الخاص في جودة الخدمات السياحية والتسويق لها بالدعاية والترويج، وكذلك على الاستقرار الاجتماعي واستتباب الأمن لتأمين سلامة السائحين وحماية أموالهم والمحافظة على أرواحهم.. وقد شهدت السياحة العالمية تنويعاً مستمراً ونمواً مطرداً في العقود الماضية؛ فأصبحت من أهم القطاعات الاقتصادية وأكثرها دخلاً في كثير من دول العالم إلى أن أصبحت صناعة مزدهرة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتنمية والتطوير.. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن عدد السياح الوافدين إلى الوجهات السياحية المختلفة على مستوى العالم بلغ (1.25) مليار سائح تقريباً في عام 2016م، وهذا العدد يزيد على عدد السياح في العام السابق 2015م بمقدار (3.4) في المئة، وأن عدد السياح سيصل إلى (1.8) مليار سائح بحلول عام 2030م؛ أي يزداد العدد بمقدار نصف مليار تقريباً. كما يشير التقرير السنوي لعام 2018م الصادر من (دبليو. تي. تي. سي) الهيئة التي تمثِّل القطاع الخاص للسفر والسياحة على مستوى العالم إلى أن السياحة والأعمال المتصلة بها حققت نمواً قدره (4.6) في المئة لعام 2017م بالمقارنة مع الاقتصاد العالمي الذي نما بمعدل (3) في المئة لنفس العام.. والاهتمام بتطوير السياحة والعمل على ازدهارها يؤدي إلى فائدتين رئيسيتين:
الأولى: توفير فرص العمل على مستوى الأسر والمجتمعات المحلية والدول بسبب نمو قطاع الضيافة والخدمات المختلفة المتصلة بقطاع السياحة، مثل: السفر والنقل والمواصلات والاتصالات وأعمال البناء والإنشاءات والتكنولوجيا الحديثة التي تشكِّل البنية التحتية للوجهات السياحية والمواقع الأثرية ومعالم التراث. ويفيد التقرير الصادر من (دبليو. تي. تي. سي) أن السياحة والأعمال المتصلة بها شغلت وظيفة واحدة من كل (10) وظائف في أسواق العمل العالمية، وهو ما يمثِّل (9.9) في المئة من حجم التوظيف العالمي خلال نفس العام.
الثانية: زيادة مصادر الدخل على مستوى الأسر والدول، وتوفير العملات الصعبة وتحقيق الرفاهية والازدهار والنمو الاقتصادي؛ وتفيد إحصاءات البنك الدولي أن العوائد المالية المباشرة من قطاع السياحة قد بلغت (1.4) مليار دولار على مستوى العالم لعام 2016م، و تمثِّل نسبة (4) في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كما يشير التقرير السنوي لعام 2018م الصادر من (دبليو. تي. تي. سي.) أنه عند الأخذ في الاعتبار العوائد المالية من الأعمال الأخرى المتصلة بالسياحة؛ يصبح مجموع العوائد المالية المباشرة من السياحة وغير المباشرة من الأعمال المتصلة بالسياحة يمثِّل نسبة (10.4) في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي للعام 2018م؛ أي تساوي أو تزيد على الدخل المادي العالمي لمجال تجارة المنتجات الغذائية، أو مجال تجارة السيارات، أو مجال صادرات النفط كل على حدة.. وتشهد السياحة العالمية في الوقت الحاضر تنافسية شديدة وقوية جداً في التحسينات المستمرة في البنية التحتية والخدمات النوعية المقدَّمة باستخدام التقنيات الرقمية ومواكبة مستجدات التكنولوجية الحديثة لتحقيق التنمية المستدامة والبقاء في صدارة المنافسة العالمية مع الوجهات السياحية الأخرى في جميع دول العالم.
الخلاصة
إن الزيادة المطردة في أعداد السائحين وفي العائدات المالية السياحية محركات ديناميكية للتنمية الشاملة والتقدم ونمو الاقتصاد الوطني.