أ.د.عثمان بن صالح العامر
هذا عنوان لمشروع بحثي خاص أعكف عليه منذ أكثر من سنتين، كان في بدايته مجرد فكرة لدورة تدريبية ثم تطور الأمر بعد أن جمعت المادة العلمية ووجدت ثراءها وغزارتها إلى فكرة كتاب أسأل الله عز وجل أن يرى النور قريباً.
سبب اهتمامي الشخصي بهذا الموضوع لأنني أعتقد جازماً أن أخطر حرب تدور رحاها عالمياً ونواجهها نحن في هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية اليوم هي في العالم الافتراضي وغايتها وهدفها النهائي هدم القناعات الدينية منها والفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، والإجهاز على منجزاتنا الوطنية والتقليل من شأن رموزنا (الساسة والعلماء)، ومحو معالم الوسطية الصحيحة التي عليها هذه البلاد - منذ عهد المؤسس الباني لهذا الكيان العزيز جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظهم الله ورعاهم ونصرهم على كل من عاداهم- باعتبارها الأس الذي يقوم عليه البناء المجتمعي ككل.
لست هنا في صدد بيان أهمية هذا الموضوع ولا ما توصلت إليه حتى تاريخه، ولكنني أحببت التأكيد في هذا المقال على أن جهود مؤسسات التنشئة الاجتماعية مجتمعه يجب أن تتوجه بشكل مباشر إلى بناء الحصانة الذاتية وترسيخ القناعات الشخصية فهي وحدها من سيخلص شبابنا وفتياتنا من ويلات الهزيمة النفسية ويؤهلهم للانتصار في معركة الفكر الطاحنة داعشية كانت أو إلحادية.
يجب أن تكون قناعاتهم الداخلية وثقتهم بالله عز وجل ثم بذواتهم قوية حتى لا يكون تكوينهم الهش عرضت للاستلاب من قوى الشر أياً كانت، التي اجتهدت وما زالت تبذل ما تستطيع في تسويق أفكارها ودغدغة مشاعر أبنائنا وبناتنا عبر العالم الافتراضي الذي لا حد له ولا رقيب عليه.
إن المؤشرات الأولية تقول إن بناء القناعات لدى شريحة عريضة من شبابنا وفتياتنا أضعف من أن تصمد في وجه التحديات الثقافية وتدحض الشبه العقدية والفكرية والسياسية والاجتماعية فهي للأسف الشديد هشة اللبنات وتحتاج إلى تعزيز وتقوية، فنحن في مواقعنا المختلفة من خارطة الوطن غالباً ما تتوجه جهودنا نحو الشكليات والظواهر، وكل ما نفعله غالبًا لا يعدو أن يكون مجرد ردود أفعال مؤقتة سرعان ما ترحل وتزول، والشواهد والبراهين على ذلك عديدة ومتنوعة. ولذا فإن من الأهمية بمكان التأكيد هنا أن علينا جميعاً بلا استثناء إعادة قراءة واقعنا التكويني في محاضننا التربوية، ومن ثم تحديد أهدافنا التي يجب أن تكون متناغمة، وتوحيد جهودنا حتى لا يكون هناك ازدواجية أو اتكالية. وهذا لن يتأتى إلا إذا وجد مشروع وطني ضخم تشترك فيه جميع المؤسسات ذات الصِّلة وينبري مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ليكون حلقة الوصل والمظلة التي تتولى الجمع والتنسيق ومتابعة التنظير والتطبيق من أجل تحقق هذا الهدف العزيز الذي سيحمي جيل الغد من الاستلاب والنهب وطمس الهوية وزعزعة الوطنية لا سمح الله ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.