خالد الربيعان
بموضوعية: الفارق كبير تاريخيًا ورقميًا وماليًا بين الأخضر والأزرق!، نعم إنها كلمات قلتها بالنص قبل ساعات من النهائي المبكر لكأس آسيا بين السعودية واليابان، والذي فازت به الأخيرة وخرجنا نحن، وبدون ميدالية فضية! كثير من المنتخبات فازت وسحقت منتخبات كبرى (السنغال تفوز على فرنسا، الكاميرون والأرجنتين.. إلخ)، لكن هذا مرهون بظرف واحد، نقطة واحدة فقط، حتى هذه غابت عنا في هذه المباراة، القتالية، الحماسة، الجرينتا كما نقول! من غير المعقول الاستحواذ بدون فعالية، والتمرير «بدون تركيز»، واللعب «بنصف إرادة فوز»!
يا أخي حتى إن تقدير الخصم وقوته في حد ذاته يزيدك قوة فوق قوتك، لأنه يضاعف مجهودك ويجبرك على رفع مستوى أدائك، لم يكن الأداء من جانبنا يظهر أننا نُناجز منتخب من المقاتلين، أصحاب تركيز عالٍ، منتخب يمثل أُمَّة نهضت من خراب الحرب العالمية الثانية، لتصدر المشهد الرياضي والكروي تحديدًا في آسيا! على مستوى الدوريات المحلية وقيمتها السوقية، دوري أبطال آسيا، وكأس الأمم الآسيوية، 5 بطولات آسيا منذ عام 2000 فازت اليابان بـ3 منها! وتأهل لكأس العالم 6 مرات متتالية صعد منهم لأدوار الـ16 والـ8 في أكثر من مناسبة!
كتاب «كرة القدم اليابانية»، يستعرض كيف حدثت هذه النهضة، أهم ما لفت نظري فيه هو «إرادة التغيير، المصحوبة بعمل فوري»، عام 93، أيها الناس، من أجل أن يكون هناك منتخب ياباني قوي يجب «أن تكون هناك كرة قدم في اليابان» بمعناها الصحيح، شهادة أي مدرب لأي نادٍ لا بد أن تكون أعلى شهادة بآخر مستوى، الجماهير لا تقل عن عدد معين من الآلاف داخل المدرجات، والأهم الأندية كلها تتحول لشركات ومؤسسات، يمثل أندية الشركات والجامعات أعضاء دائمين داخل رابطة أندية الدوري، النتيجة في 2016 كان عدد المحترفين الأجانب بالدوري الياباني 1000!، في نفس الوقت أصبح أكثر من نصف قوام المنتخب محترفين بأقوى الدوريات العالمية.
نفس الشيء تجده في التجربة الأوروبية!، التقرير الأخير من الاتحاد الأوروبي منذ أيام أثبت حقيقة، أنه لا بد من تفعيل خطط الخصخصة، الاستثمار، التسويق الرياضي، 680 ناديًا في 55 دولة أوروبية يسيرون وفق نهج واحد عناصره ما قلنا!، تجد من الـ55 دولة هناك 14 فقط ما زالت أنديتها تحت الملكية العامة، وهذه الدول أقوى دولة فيها كرويًا السويد! إذن الأمر يشرح نفسه، و41 دولة جميع أنديتها فيها تخصيص واستثمار مثل هولندا وإسبانيا وألمانيا، وهناك 11 دولة فيهم جميع الأندية مخصخصة ومطلوق بها يد الاستثمار المحلي والأجنبي، أهمها -لاحظ معي قوة الدوريات -إنجلترا، فرنسا، إيطاليا!
ليس هذا فقط بل إن هناك 21 ناديًا كبيرًا مدرجين كشركات في البورصة على هيئة أسهم، مثل مانشستر يونايتد، ويوفنتوس وإياكس ودورتموند!، لماذا كل هذا؟ لأن الاستثمار الرياضي معناه ليس فقط المال الذي يشتري صفقات فيقوي عددًا كبيرًا من الأندية ويجعل الدوري قويًا ويجعلها تتنافس، ويزيد من قوة البنية التحتية الرياضية للنادي، ويؤسس مدينته التدريبية، وأكاديمية ومدارس ناشئيه، بل إن التسويق الرياضي معناه مستقبل مضمون (ناشئون ومواهب يتربون داخل النادي) وتركيز داخل الملعب (لا وجود لديون وقضايا وكوارث مضرة)، العجلة تسير والدائرة تدور!.. وجميع الأطراف تنجح، والمحصلة النهائية: نجاح متواصل.. ومستقر!
ماذا بعد؟
البكاء على اللبن المسكوب له فائدة واحدة فقط، أن نعتبر ونتعلم كيف نتفادى سكبه مرة أخرى!، وهناك من البطولات ما هو آتٍ أكثر مما فات!، والأهم الآن الإجابة على سؤال هو «ماذا بعد؟»، في رأيي المتواضع -إذا أذنت لي- أقول لك: إن أي إجابة لا تحتوي على خطة «صارمة - عاجلة « بها مفاهيم مثل «التسويق - الاستثمار - التخصيص» هي إجابات لا يُعَوَّل عليها، وهي إجابات نعم.. لكنها ليست الإجابات الصحيحة «تمامًا»، ليست الإجابات النموذجية!
** **
- مستشار تسويق