كثيرًا ما ألمس أنه كلما تعلّم الإنسان شيئاً جديداً ستأتي بعد ذلك تجربة جديدة تعبّر عن عمق جديد لذلك الشيء الجديد السابق.
وكلما وصل لبعد معين في أي موضوع في الأغلب مع التجارب وزيادة المعرفة أن هناك أعماقاً مختلفة عن ذلك العمق الذي وصل إليه.
وبعض الأحيان تكون الأعماق الجديدة مثيرة جداً لدرجة أنه قد يعتقد ويتراءى له اعتقادات وآراء مختلفة أو قد يجد ألواناً مختلفة للصورة التي قد تشكَّلت ملامحها مع الزمن.
هذا الأمر إذا تمكَّنت حقيقته في الداخل يحفِّز الإنسان إلى عدة أمور منها:
* تهيئة النفس على التقييم المعياري لكل ما هو جديد، بل الاهتمام قبل ذلك بديمومة تحديث المعايير، فهي الضابط الأكبر في تلقي الأعماق الجديدة.
* ممارسة الجديد فعلاً وممارسة الإنصات حالاً لكل شيء جديد أو قديم. فالجديد يصب بشكل مباشر في الأعماق الجديدة والناشئة والقديم يساعد في زيادة منسوب العمق أو تغيير مساره بشكل كلي أو جزئي.
* اتساع السعة المهارية للنفس الهادئ في النظر للأمور والتفكير خارج الصندوق كطبيعة حتمية تراكمية.
* توجيه النظر بشكل دائم إلى تمايز الأصح من الأمور الصحيحة ومعرفة الأكثر خطأ من بين الأمور الخاطئة، والبحث الدؤوب إلى خيارات الحكمة أياً كان مصدرها واتجاهها ومآلاتها.
* التكيّف السريع جداً مع أي نمط جديد في التفكير والتعلّم والتعامل وسهولة التأقلم مع المواصفات والإجراءات الجديدة في العادات والثقافات.
* سهولة إيجاد المساحات المشتركة مع الآخرين وحتى لو كان ذلك مع من لا يحب والتي يمكن من خلالها بناء علاقات خلاَّقة وأعمال عظيمة غير قابلة لأن تكون بهذه العظمة دون وجود هذا الهدوء النفسي الذي هو أثر واضح لظلال سمة البحث عن جذور أكثر عمقاً وفهم متجدد باستطاعته تجويد ما هو قديم واختلط بجديد مختلف.
* يبتعد كثيراً عن الأمور ذات الصبغة الجازمة أو الحاسمة لإيمانه بأن هذه الدائرة صغيرة لا تستوعب وعياً إدخال شيء من القناعات داخل هذه الدائرة إلا بعد توثيق وتغليظ الأيمان بصحتها فكراً ورغم صغر مساحة دائرة هذا النوع من القناعات إلا أنها محاطة بإجراءات دقيقة لدخول أي قناعة لداخلها، لطبيعته المفتوحة تجاه الأعماق الجديدة، ولو أنه أخطأ مثلاً في إحدى القناعات التي ولجت لهذه الدائرة حتماً سينعكس هذا ابتداءً على خروجها الفوري من هذه الدائرة وانعكاسها أيضاً على الإجراءات المتجدِّدة.
* تراكم مثل هذه التجارب التي غالباً تحث على الخيال والإنصات واستجلاب حثيث للآراء المختلفة يزيد من منسوب العدالة النفسية التي بلا شك ستجعل من النفس مرتعاً لراحة الضمير ورضا الذات.