د. محمد عبدالله الخازم
ضمن معرض جدة للكتاب عقدت ندوة المكتبات الجامعية بمشاركة مدير جامعة الطائف ووكلاء جامعات أم القرى وعبدالعزيز، وقد اتفق الجميع على أن أدوار المكتبات الجامعية تتغير وعليها تجاوز كونها مجرد رفوف أو مستودع كتب، وخصوصاً في ظل التحول الرقمي في مصادر المعرفة والقراءة المختلفة. كان واضحا أن هناك عدم وضوح لفكرة تقارب المكتبات مع المجتمع، وبالتالي استقطاب القارئ سواء منسوب الجامعة أو من خارج الجامعة، فهناك من يرى أن المكتبة الجامعية تبقى أكاديمية وتختلف عن المكتبة العامة التي تخدم المجتمع، وهناك من يرى بأن الجامعة بصفة عامة والمكتبة بصفة خاصة يجب أن تنفتح أكثر على المجتمع وخصوصاً في المجتمعات المشابهة لمجتمعنا حيث يندر وجود المكتبات العامة المؤهلة ويندر وجود المراكز الثقافية المميزة وبالتالي فجامعاتنا مطالبة بلعب هذا الدور. السؤال هو كيف يتم ذلك؟
البعض يراه بزيادة عوامل الجذب كتوفير المقهى والمساحات المفتوحة والبعض يراه بزيادة الأنشطة الثقافية والبعض يراه بزيادة أوعية الثقافة والمعرفة الجاذبة للجمهور، حيث أن المجتمع لا تجذبه المراجع الأكاديمية وتحتاج المكتبات لتوفير المنتجات الثقافية الأخرى الفكرية والتاريخية والأدبية وكتب الأطفال وغيرها...
مع زيادة الباحثين وطلاب الدراسات العليا الجامعات بحاجة للتوسع في جعل المكتبات أكثر ملاءمة لهم، مثل زيادة غرف القراءة الفردية والنقاشات والاجتماعات وتوفير طواقم متخصصة تستوعب احتياجاتهم وتساعدهم في البحث عن مصادر المعلومات وغير ذلك من الأمور.
زميلنا الصحفي علي الرباعي أشار إلى قضية كيفية استفادة المكتبات الجامعية أو المكتبات بصفة عامة من مكتبات الرواد الراغبين هم أو ورثتهم التبرع بها للمكتبات، وبالذات من خريجي الجامعة. بعض الجامعات - من واقع خبرتي- لديها خوف من وجود مصادر ثقافية لا يعرفونها ولم يقوموا على شرائها بأنفسهم وفق توصيات الأقسام الأكاديمية أو أنهم لا يرون مكتباتهم سوى رفوف للمراجع الدراسية وغالبية مكتبات المثقفين تحوي ماهو أكثر من ذلك. يجب أن لا ننسى بأن بعض الخريجين أو المهتمين، أفراداً ومؤسسات، قد يكون لديه الرغبة في تخصص دعماً أو وقفاً لمكتبات الجامعات عيني أو مالي، ويجب الترحيب بذلك والحث عليه.
طبعاً، أستعرض النقاط أعلاه متجاوزاً تفاصيل أخرى، بغرض فتح النقاش أمام المهتمين. كختام، وأمام الضغوط الاقتصادية في إدارات الجامعات والرغبة في استقطاب الطالب والمجتمع للجامعة، أتصور أنه قد تأتي مرحلة يتغير حتى مفهوم مسمى المكتبة أو تصبح المكتبة محورا لمركز أو منظومة ضمن عناصرها مركز المجتمع الطلابي أو المركز الثقافي للجامعة أو شيء من هذا القبيل. وهذا حاصل الآن في بعض الجامعات المتقدمة وحتى في المكتبات العامة حيث مكتبة الحي جزء من مجمع الحي الشامل لقاعات وأنشطة رياضية وثقافية ومجتمعية. لن نهدم المكتبة أو نستغني عنها لكن ستكون جزءا أو قلب مجمع ثقافي ترفيهي طلابي مجتمعي.. إلخ. وهذا ما أرجو أن يؤخذ في الحسبان من قبل الجامعات الجديدة، لا تؤسسوا المكتبة بعيداً عن مركز الطلاب أو قاعات النشاط الثقافي أو متحف الجامعة. وتذكروا؛ جامعة بلا مكتبة هي جامعة بلا قلب!