محمد سليمان العنقري
منذ أن تولت كريستين لاغارد منصب مديرة صندوق النقد الدولي عام 2011 م وهي تحذر من مخاطر تراجع نمو الاقتصاد العالمي لدرجة أنها تستحق لقب Ms warning فلو تم إحصاء عدد تحذيراتها لبلغت عشرات المرات وآخرها التي أطلقتها قبل يومين بمنتدى دافوس في سويسرا فرغم أنها قالت العالم ليس على أبواب كساد لكن عبارة التحذير التي باتت متلازمة مع كل حديث تطلقه عن الاقتصاد العالمي كانت حاضرة معللة الأسباب بضعف نمو الاقتصاد الصيني وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وضعف نمو منطقة اليورو وجملة الأسباب الأخرى التي يرددها صندوق النقد منذ مدة حول الحرب التجارية بين الصين وأمريكا وغيرها من الأسباب.
الحقيقة هي أن التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي ليست بالبسيطة ولا الثانوية لكن العالم لم يكن في يوم من الأيام خاليًا من التحديات الكبرى التي تواجه نموه الاقتصادي إلا أن تحذيرات لاغارد باتت متلازمة وتذكرنا بقلق أمين عام الأمم المتحدة السابق «بان كي مون» التي لم تتوقف منذ توليه منصبه دون أن يحدث تغييرًا بواقع السياسة الدولية، بل زاد التوتر بكل منطقة أو دولة عبر عن قلقه اتجاهها وكان دور ممثليه سلبيًا بإدارة أزمات وملفات تلك الدول أما لاغارد فلا تقل تفوقًا عن بان كي مون لكن بالتحذيرات. ففي 2016 أطلقت الكثير منها حول الاقتصاد العالمي ومع ذلك كان الأداء جيدًا وارتفعت كثير من البورصات العالمية وعادة أسعار السلع أيضًا للارتفاع وقفز النمو بالعام التالي 2017 الذي لم يخل من تحذيرات لاغارد إلى نسبة 3.5 في المائة.
إن تحذيرات صندوق النقد لا تقل غرابة عن نصائحه التي يقدمها لدول العالم الثالث أو الاقتصادات الناشئة حيث لا يميز بين دولة وأخرى من حيث الفوارق السكانية والاقتصادية واتجاهه دائمًا لرفع نسبة الضرائب وإلغاء الدعم وزيادة إيرادات خزينة الدول دون النظر لتأثيرات ذلك المجتمعية وأكثر ما ينصح الدول الفقيرة ليزيد ذلك من الضغوط فيها، أما في حال تقديمه لقروض لتلك الدول فهو يفرض شروطًا خانقة عليها لتحسين إيرادات الخزينة تكون على حساب المواطنين لتلك الدول مما يتسبب بشرخ وإشكاليات كبيرة بين حكومات تلك الدول وشعوبها.
مما يجعل من الصندوق سببًا بضعف نمو الاقتصاد العالمي بما يسببه من إرهاق لدول فقيرة أو ناشئة لديها إشكاليات باقتصادها.
ما بين تحذيرات لاغارد وقلق «مون» باتت هذه المنظمات الدولية المهمة أكثر سلبية في دورها اتجاه استقرار العالم ودعم تنميته واقتصادات الدول الفقيرة فيه على وجه التحديد وبمجرد أن تسمع أو تشاهد مديرة صندوق النقد في أي حدث عالمي بات من المتوقع أن تذكر كلمة تحذير في معرض حديثها رغم أن الواقع خالف رأيها بكثير من السنوات الماضية لكن الأمر المثير للاهتمام لماذا تحذر دائمًا؟ هل بات الصندوق يفتقر للكفاءة والمعرفة بما يدور في العالم رغم امتلاكه لمعلومات عن كل دولة؟ وهل أصبح إصلاحه ضرورة حتى لا يكون مجرد فزاعة ويفقد دوره بدعم استقرار الاقتصاد العالمي وتنميته؟