عروبة المنيف
عند حديثنا عن تمكين المرأة، فالقصد هنا تمكينها في جميع مناحي الحياة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية والتعليمية... وغيرها. فالمرأة مواطنة، مسؤولة ومكلّفة، ولها الحق في الحصول على امتيازات تكفل لها مواطنتها، باعتبارها مواطنة راشدة عاقلة كاملة الأهلية.
إن البشرى «الخبر» التي تناقلتها وسائل الأعلام المحلي، الصادرة عن وزارة الصحة، والتي تؤكد على عملية «التمكين الصحي للمرأة»!، تضمنت مسؤولية المرأة، «الأم الحامل»، عن حياتها، وذلك بضمان حقها في التوقيع بالموافقة على أي إجراء طبي يخصها حال الولادة «كالعملية القيصرية»، فليس هناك ضرورة كما في السابق للانتظار وأخذ موافقة وتوقيع زوجها أو الولي.
البشرى أو «الخبر المعني»، ليس بقانون أو نظام جديد، أخذت الوزارة السبق في استحداثه، بل هو بند من ضمن نظام قديم للوزارة صادر منذ عام 1984م. ينص البند على «أن المرأة العاقلة البالغة هي صاحبة الحق في التوقيع والموافقة على التدخلات الطبية والعمليات الجراحية ولها الحق بالموافقة على «العمليات القيصرية» تحديداً ولا تحتاج لموافقة ولي الأمر».
ما كان يحدث في السابق من قبل المنشآت الصحية بفرضها طلب توقيع ولي الأمر في ما يخص إجراء العمليات الجراحية التي تحتاجها المرأة، كان اجتهاداً من قبلها، ما يعتبر خروجاً عن النظام المكتوب، وتجاوزات من قبل إدارات تلك المنشآت الصحية، والذي كان يستدعي في ذلك الوقت فرض عقوبات جزائية عليها، ولكن في تلك الحقبة، كانت التجاوزات على النظام أحياناً هو النظام!، وذلك بفعل تأثير الصحوة وتعقيداتها التي جعلت الإدارات الصحية بمجملها ترضخ لأعراف ولثقافة خارجة عن الشرع وعن مقتضيات النظام، وتم ترسيخ فكرة عدم أهلية المرأة في العقل اللاواعي لدى المجتمع بأسره وبأنها بحاجة لموافقة وليها عند إجرائها لأي تدخل جراحي!.
لقد سمعنا عن العديد من الحوادث المؤسفة التي حدثت للنساء نتيجة للتأخر في التدخل لإجراء الجراحة من أجل انتظار توقيع ولي الأمر!، ما يعتبر تجاوزاً واضحاً للقوانين المكتوبة وعدم الالتزام في تطبيقها، فنحن نتحدث عن مخالفات ترتبط بحياة أو موت، فحياة المريضة مهددة والقانون يحميها! ولكن الإشكالية بمن يتجاهل تطبيق الأنظمة!.
ما نشر من قبل وزارة الصحة مشكورة، إنما هو بند ضمن نظام موجود فعلاً منذ أكثر من ثلاثة عقود !، ولكن حتى ذلك البند للأسف لم ينشر كاملاً في الأعلام، فالبند المذكور في النظام يشمل مسؤولية المرأة في التوقيع عن جميع التدخلات الجراحية التي تحتاجها وليس الإجراءات التي تخصها حال الولادة فقط كما نشر! فحياتها مسؤوليتها أولاً وأخيراً.
إن إدارات جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات سواء حكومية أو غير حكومية، يتوجب عليها في زمن الرؤية، انتهاج أسلوب الحزم في تطبيق وتفعيل الأنظمة والقوانين المتاحة، وتعزيز مبدأ الشفافية، من خلال التوسع في العملية الرقابية، لضمان مراجعة وتقييم الأنظمة والقوانين بشكل مستمر للرفع من مستوى كفاءتها، بما يضمن تناغمها مع المتغيرات المستمرة التي يتعرض لها المجتمع. بالإضافة إلى استحداث أنظمة جديدة كفيلة برفع المستوى الحضاري المجتمعي من أجل تحقيق الرؤية التي نصبو إليها جميعاً.