يقول الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه:
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
إلا التي كان قبل الموت بانيها
إذاً موت الصالحين راحة لأنفسهم وانتقال إلى الجنة بإذنه سبحانه، ويتبين مدى تأثير الفقد حسب سجل الفقيد في حياته والأثر الذي تركه بعد رحيله، ولقد ودعنا أحد رجالات الرياض وأخيارها ورجال أعمالها, ومن الذين تركوا للجميع بصمة إيجابية لن تنسى ونورا باقيا حتى بعد رحيله, إنه الشيخ عبدالمحسن الرصيّص, الذي لم يكن همه الظهور الإعلامي بقدر ما كان يهمه البناء بكافة أنواعه, المساهمة في بناء الوطن وبناء المشاريع العملاقة والتعاملات التجارية الصادقة في بدايات النمو الاقتصادي بالرياض, وكذلك بناء الأسرة الطيبة وتربية الأبناء, وبناء أواصر الحب والتقدير مع جميع أطياف المجتمع.
رحل الشيخ عبدالمحسن الرصيّص بعد تحقيقه سجلاً حافلاً من العطاء والإنجاز, تميز في تجارته بالأمانة والمصداقية وثقة جميع من تعامل معه تجارياً, وتبقى التعاملات المالية اختباراً حقيقياً لأخلاق الرجال وصفاتهم ومقياساً مهماً في إيمانهم وصفاء عقيدتهم.
ثروة الرصيّص الطائلة لم تنسه صلة الأرحام واهتمامه الخاص بأقاربه والوقوف معهم في أفراحهم وأحزانهم, ودعمهم ومساندتهم، حيث إن (الأقربون أولى بالمعروف) لديه، دَعم الجمعيات الخيرية بصمت ووقف مع الفقراء والمحتاجين بسخاء دون منة.
لقد حظيت بمعرفة بعض أبناء عبدالمحسن الرصيص ولفت انتباهي مدى الأخلاق الكريمة والأدب الجم والكرم, الذي يتحلون به ولم أستغرب إطلاقًا عندما عرفت أن من أولويات أبا سعد تربية الأبناء وتعليمهم وحرصه الشديد عليهم, فقد كان -رحمه الله وغفر له- يصطحبهم جميعاً لصلاة الفجر, ويعطيهم جل وقته حتى تحققت أهدافه المنشودة بصلاح الأولاد وتميزهم, لتكوين أسرة يكن لها الكل التقدير والاحترام.
لن أستطيع سرد تاريخ الرصيّص الحافل بالعطاء المخلص والانتماء الصادق للوطن ولولاة الأمر -حفظهم الله ورعاهم- على مدى عقود مضت.
إن رحيله خسارة للوطن وللمال والأعمال, والعوض بإذن الله في أبنائه وبناته.
العزاء موصول إلى جميع محبيه وهم كثر, وعائلته وزوجاته وأبنائه وبناته وأحفاده.. وأخص أبناءه الأصدقاء الأوفياء المهندس فيصل والأستاذ خالد.
أسال الله العلي العظيم أن يرحمه ويعفو عنه ويجعل قبره روضة من رياض الجنة.
** **
- فيصل خلف