يوسف المحيميد
في الثمانينات والتسعينات كانت بعض الأسر تعيش صدمة اختفاء شبابها فجأة، ودون مقدمات، والتحاقهم بجهات إرهابية في مناطق النزاعات والحروب، وما زلنا نتذكر كثيرًا من الآباء والأمهات المكلومين بفقد أبنائهم، وهم لا يعرفون كيف فقدوا صغارهم المراهقين، قبل أن تصل أخبار قتلهم في هذه المناطق الخطرة، وكيف تم استغلالهم كدروع بشرية في المقدمة، أو في قيادة شاحنة ملغمة، ولبس أحزمة ناسفة، وغيرها من وسائل القتل المجاني.
وها نحن في السنوات الأخيرة نعيش غيابًا مختلفًا، واختفاء من نوع آخر، وهو هرب الفتيات التي يجري استغلالهن سياسيًا بمبرر البحث عن الحرية المفقودة، وذلك بعد انفتاح آفاق الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل التي جعلت العالم ليس قرية صغيرة فحسب، وإنما غرفة صغيرة تضم كل الاتجاهات والأفكار المختلفة.
وفي كلتا الحالتين، سواء اختفاء الشباب وراء وهم الحرب والشهادة والحور العين، أو هرب الفتيات وراء وهم الحرية والانطلاق، تكمن المشكلة الرئيسة في غياب اللغة المشتركة بين الآباء والأبناء، فلا حوار مشتركاً بينهم كأصدقاء، ولا نقاط نقاش مشتركة، وطرق إقناع مناسبة، وإنما عناد واستبداد وقسوة، وفرض قرار باستخدام السلطة الأبوية، وعدم منح الأبناء فرصة الحوار واتخاذ القرار، مما يوجد فجوة كبيرة بين هذين الجيلين، لذلك لابد من إشاعة الحوار بين الأجيال، وتكريس التفاهم والإقناع في البيوت والمدارس، من أجل خلق بيئة جيدة للحوار والنقاش، وتجسير الفجوة بين هذين الجيلين، جيل الآباء والأمهات، وجيل الأبناء، بما يتضمن ذلك من تعزيز الثقة والمحبة والتسامح بينهما.