إبراهيم عبدالله العمار
هل سبق لك أن اختلف رأيك مع آخر، وحاولت إقناعه؟ هناك مبادئ لذلك. ويقع الكثير من الناس في أخطاء إذا أرادوا الإقناع، لكن تفاديك تلك الأخطاء لن يجعلك بالضرورة تقنع مَن أمامك برأي يخالف رأيه، بل يكاد يكون الإقناع في معظم الأحيان ضرباً من المستحيل!
هذا ما ستصل إليه إذا عرفت بتلك الظاهرة التي يسميها علماء النفس الاجتماعي بـ»الاستنتاج المحفَّز»، أي استنتاج أو رأي تصنعه لكن ليس محايداً قائماً على الحجة والحقيقة بل له محفزات ودوافع معينة، تتوافق مع آرائك السابقة. عندما نرسم صورة لأنفسنا فإن العقل اللاواعي يمزج الحقائق مع الأوهام، ويبالغ في تصور نقاط القوة في الحجة التي توافق رأيك وتهوين نقاط الضعف، بعدها يقوم العقل الواعي بالنظر لصورة النفس هذه بإعجاب، ويثني على دقتها. الاستنتاج المحفَّز يجعلنا نشعر بأننا جيدون وأكفاء، وأننا نتحكم بأنفسنا وظروفنا.. وبشكل عام أن نرى أنفسنا بشكلٍ طيب، وهو أيضاً يشكّل فهمنا وتفسيرنا لبيئتنا، خاصة البيئة الاجتماعية، ويساعد في تبرير اعتقاداتنا المفضلة.
بسبب كون الاستنتاج المحفَّز يحدث في اللاواعي فإن زعم الناس أنهم لا يتأثرون بالتحيّز أو مصلحة النفس يمكن أن يكون آتيًا باقتناع لكن حتى إذا اتخذوا قرارات فإنها في الحقيقة تخدم النفس كما يقول العالم لينارد ملاديناو، ومثال ذلك أن الكثير من الأطباء يظنون أنهم بمعزل عن تأثير المال، بينما وجدت الدراسات أن قبولهم هدايا وإكرامات من شركات طبية أو دوائية يؤثّر تأثيراً بالغاً لاشعورياً على قراراتهم التي يتخذونها على مرضاهم. أيضاً وجد العلماء أن الأطباء الذين يكتبون الأبحاث الطبية، والذين لديهم روابط مالية لشركات الأدوية، هم أكثر احتمالاً بكثير من الباحثين المستقلين أن يكتبوا في أبحاثهم نتائج تؤيد وتدعم شركات الأدوية التي ترعى تلك الأبحاث، وهم أقل احتمالاً أن يضعوا في تقريرهم سلبيات عنهم. كذلك وجدت الأبحاث أشياء مشابهة في مجالات أخرى، منها: أن تقديرات مديري الاستثمار لاحتمالات مواقف متعددة ترابطت بقوة مع رغبتهم في تحقُّق تلك النتيجة. أحكام المدققين تتأثر بالحوافز (مالية.. إلخ) التي تُعرَض عليهم. في بريطانيا نصف الناس يؤمنون بوجود الجنة لكن فقط الربع يؤمنون بالجحيم.