فهد بن جليد
انخراط المرأة في مهن (غير ملائمة) لطبيعتها الأنثوية والجسدية في بعض الدول التي سبقتنا في العمل النسوي، هو نتاج خلل وفوضى صاحبت دخول المرأة تلك المجالات، إمَّا نتيجة لاستغلال حاجتها وظروفها بصورة بشعة من قِبل بعض الرجال للقيام بمهام وأعمال ترويجية وإغرائية وهامشية، أو أعمال قاسية ومنهكة لساعات أطول من الرجل وبأجر أقل، في مهن ووظائف غير مناسبة لطبيعة وقدرة تحمُّل المرأة ودورها.
في التجربة السعودية اليوم -ولله الحمد- تبدو الأمور مُختلفة تماماً، كون الخطوة الحديثة جديدة في عمومها، فهي تخضع لضوابط حثيثة ومُراجعة مُستمرة من أجل حماية المرأة من التشوّهات الوظيفية ودخولها مجالات غير لائقة ومناسبة، وضمان الحد الأدنى من الكرامة والإنسانية وتهيئة عوامل النجاح للمرأة العاملة.
مُبادرة التنظيم الموحَّدة لبيئة عمل المرأة التي أطلقتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مؤخراً، تهدف لإيجاد بيئة عمل جاذبة تعزِّز من وجود المرأة في مُختلف أنشطة سوق العمل، مع التسهيل على منشآت القطاع الخاص استقطاب المرأة العاملة وتمكينها من العمل بضوابط ثابتة يتفق الجميع حولها بما يتناسب مع طبيعة وقدرة المرأة وظروفها، وتحديد وقت عملها حتى الساعة 11 مساءً، في أماكن خاصة منفصلة للراحة والصلاة واشتراطات السلامة والأمان والخصوصية ... إلخ، وهي مُبادرة مهمة أرجو أن يتم العمل بموجبها وتطويرها كلما لزم الأمر أو استجدت شروط وضوابط العمل حسب حاجة السوق وملاحظات العاملات وأصحاب الأعمال والجمهور المُستهلك أو المستفيد من الخدمة، والأخير -برأيي- هو من يُمثِّل وجهة نظر المجتمع التي يجب سماعها بشكل مُستمر حول مدى تقبّله لبعض الأدوار التي تقوم بها المرأة والأوجه والأنشطة التي تُمارسها وتقييم التجربة.
بكل تأكيد لا يمكننا إيقاف عجلة التطور والتنمية ودخول المرأة كشريك للرجل في نشاطات وقطاعات جديدة لم يعهدها المُجتمع من قبل، والاعتماد عليها وعلى كفاءتها وقدرتها نتيجة بعض الآراء الشاذة أو المُعارضة دوماً لكل خطوات التنوير والتطوير، ولكن سماع التعليقات والرأي ووجهات النظر للتطوير والتجويد والمُلاحظات التي تغيب عن عين الرقيب أو المُفتش، مطلب نجاح أي تجربة واستمرارها، وحمايتها من التشوّهات، وهي خطوة ذكية تدل على احترافية ومهنية الجهة التي المُشرفة، وهو ما نتوقّعه دوماً من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
وعلى دروب الخير نلتقي.