فضل بن سعد البوعينين
أُسدِلَ الستار على فعاليات مهرجان الجنادرية؛ أهم وأكبر المهرجانات التراثية الثقافية؛ المرتبطة تاريخيًا بوزارة الحرس الوطني؛ المؤسسة العسكرية العريقة التي نجحت في تأصيل التراث، وتعزيز مكانته، والانغماس في الجوانب الثقافية.
أثبتت الوزارة قدرة فائقة على الجمع بين الجوانب الثقافية والتراثية والفكرية والاقتصادية في آن؛ ونجحت في إرساء بعض متطلبات القوة الناعمة من خلال برامجها الثقافية التي استقطبت فيها العلماء، الدبلوماسيين، الإعلاميين، المفكرين والمؤثرين في العالمين العربي والإسلامي. تحول مهرجان «الجنادرية» إلى أحد أهم الوجهات السياحية الجاذبة للزوار من داخل المملكة وخارجها.
وبالرغم من فترة إقامة المهرجان المحدودة كل عام، إلا أنه نجح في استقطاب أعداد كبيرة من الزائرين، ما دفع الكثير للمطالبة بتمديده، أو تحويله إلى وجهة سياحية متاحة طوال العام.
هناك أطروحات وآراء وجيهة تصب في قناة تطوير المهرجان، إما بتعزيز مكاسبه ومعالجة ما يواجهه من تحديات، وتغيير نمطيته، أو بإسناد مسؤولية الإشراف عليه لهيئات أكثر التصاقًا بطبيعته الثقافية التراثية كالسياحة والترفيه والثقافة.
قد يكون أمر تطوير المهرجان، أفضل من مطالبة «الحرس الوطني» بالتخلي عن مسؤولية تنظيمه، بعد الإرث التنظيمي، وتراكم الخبرات، وما حققه من مكاسب لم تكن لتتحقق لولا جهود الوزارة. فمكافأة النجاح، يفترض أن تكون الدعم والمساندة وتعزيز المكاسب ومعالجة المعوقات.
من الأجدى أن يحفز نجاح «الجنادرية» السياحة والترفيه والثقافة للإبداع وخلق مهرجانات إضافية تضاهيه في القوة والتأثير والقدرة على استقطاب الزائرين. فنحن في أمس الحاجة لمزيد من المهرجانات النوعية، على مدار العام، وفي مناطق مختلفة وبما لا يحدث تعارضًا بينها، بل تكامل يؤدي إلى خلق منظومة مهرجانات نوعية في المملكة.
الأكيد أن هناك الكثير من الأفكار التطويرية لدى وزارة الحرس الوطني، والقدرة على تنفيذها، والانتقال بالمهرجان إلى مراحل متقدمة من الإبداع، وأحسب أن وجود الأمير عبدالله بن بندر سيدعم تحقيق تلك الأهداف التطويرية وطرح مزيد منها. ولعلي أشير إلى بعض الاقتراحات التي ربما استحقت المداولة والنقاش، وفي مقدمها تشكيل مجلس إدارة للمهرجان برئاسة «الحرس الوطني» وتحت مظلته، يضم بين عضويته ممثلين لهيئة السياحة، الثقافة، الترفيه، وإنشاء أمانة مستقلة ودائمة للمهرجان، تُعنى بجميع شؤونه التنظيمية والإشرافية والتشغيلية؛ وفق آلية إدارية منضبطة. والنظر في إعادة تشكيل قرية الجنادرية على أسس استثمارية، لضمان تشغيلها فترة أطول من قبل القطاع الخاص فيتم تجهيزها وفق رؤية تراثية عالمية ولتكون وجهة دائمة للزائرين؛ وتشغيل الأقسام المرتبطة بالوزارات والمناطق والفعاليات الحكومية بالتزامن مع أيام المهرجان وفق ما هو معمول به اليوم. تحويل جزء من قرية الجنادرية إلى قرية عالمية؛ كالقرية العالمية في دبي؛ سيخلق للرياض وجهة سياحية هي في أمس الحاجة لها. إضافة إلى ذلك فالبرنامج الثقافي في حاجة إلى تطوير أكبر، وعناية فائقة، لتحقيق أهدافه الثقافية، والأهداف الدبلوماسية المعززة للقوة الناعمة، التي يجب أن تكون من الأهداف الرئيسة التي يعاد صياغتها على أسس علمية وطرق احترافيه حديثة.