خالد بن حمد المالك
من المؤسف حقاً أن يتآمر بعض العرب على أشقائهم، وبالتالي على أنفسهم، وأن يفرّطوا بموازين القوة التي يوفرها لهم اتفاقهم على كلمة سواء، وهدف واحد، وأن تظل بعض الدول العربية بوضعها الحالي مآلَ شؤم، ومواقفها مضاد لكل ما فيه خير ومصلحة للعرب، ما لا يمكن فهمه إلا أن أنظمة وقيادات هذه الدول قد هانت عليها كرامتها، وفرَّطت في الأمانة المفترض أنها موكلة لها من شعوبها.
* *
لقد تحولت المنطقة العربية، إلى مناطق صراع وخلافات وتدخلات من دول أجنبية، وثغور وقواعد للعدو على أرض العرب، ومن نجا أو كان خارج هذا الوضع فتلك حالات استثنائية، والاستثناء لا يكفي ولا يعتد به لتكون جميع دول العالم العربي في حالة أمن وسلام واستقرار، أو أنها تتمتع بكامل استقلالها وأمنها، واستغلال مواردها الطبيعية لصالح شعوبها.
* *
وفيما عدا العقلاء والحكماء من القادة وحدهم، فإن من يهيمنون على توجيه السياسة في أنظمة دولنا، لا يحسنون قراءة المستقبل، ولا يفكرون بالنهايات لهذه السياسات الجاهلة، وينسون أن للدول الأجنبية التي يرتمون في أحضانها مصالح ومطامع استعمارية، وإن أظهرت في ظاهر مواقفها الأمان، وعدم تهديد مصالحنا أو التدخل في شؤوننا الداخلية.
* *
لاحظوا ما يجري في سوريا الجريحة، حيث يتكاثر الأعداء، وكل دولة أو تنظيم يسيطر على جزء من هذه الأرض العربية، وتابعوا السياسة القطرية الهوجاء، حيث استغلت تركيا وإيران ومنظمات مشبوهة الوضع المتردي فيها، فأحكمت سيطرتها على القرار فيها، ووجهت سياسة البلاد بما لا يخدم قطر وأهلنا فيها، فيما نظام قطر لا حول له ولا قوة بما يجري في هذه الإمارة الصغيرة، وهكذا يمكن تمرير الحالتين على عدد من الدول العربية الأخرى كأمثلة على تفريط أنظمتها بمصالح دولها وشعوبها.
* *
هواجس كثيرة تكاد لا تغيب عن أنظارنا وأسماعنا أمام هذه الحالات المبكية، فيما أن الخوف يطرق باب كل واحد منا كلما تمعن بما هي عليه بعض دولنا من هوان وضعف واستسلام مذل، أمام تدخل الدول الأجنبية في شؤونها الداخلية، وفرض سيطرتها على مفاصل مهمة فيها، دون أن يكون لشعوبها حيلة أو قدرة للحيلولة دون ارتماء حكامها في أحضان المستعمر الجديد.