د. جاسر الحربش
ليت من لم يقرأ رائعة لويس كارول «أليس في بلاد العجائب» يحاول قراءتها وفهم المواقف والحوادث فيها، كتصوير كاتبها أستاذ الرياضيات لأحلام الأطفال ثم العودة إلى عالم الواقع. طفلة القصة ذات العشر السنوات «أليس» كانت تشعر بالملل من حياتها العائلية. ذات يوم بينما كانت مع أختها التي تقضي وقتها في القراءة تصاب «أليس» بسبب الملل الشديد بالنعاس فتبدأ رحلتها مع الأحلام الغريبة. فيما يلي أقتبس لكم بعض المواقف والمغامرات في القصة، للمقارنة بين أحلام «أليس» وأحلام أي بنت صحراوية تهرب من أهلها وحياتها العائلية إلى عوالم متناقضة من الغرائب والعجائب.
المواقف الأول: «أليس» تتخيل أنها تتجول في الحديقة عندما رأت أرنباً يرتدي ملابس فاخرة ينظر إلى ساعته ثم يقول لها ما هذا، تأخرت كثيراً وقد انتصف النهار. وجه الشبه: الأرنب الفاخر بالنسبة لـ»أليس» في القصة هو الشبكة العنكبوتية لـ»أليس» الصحراوية.
الموقف الثاني: تعجبت «أليس» من الأرنب كثيراً فرمت الأزهار التي بيدها وركضت خلف الأرنب فسقطت في حفرة، وسمعت الأرنب يقول: آه يا شاربي وأذناي، لقد تأخرت إنني أخشى عليهما من غضب الأميرة لأنني تأخرت عن موعدي معها!
أوجه الشبه: حفرة «أليس» في القصة هي بالنسبة لـ«أليس» الصحراوية بالوعة الدردشات بالصوت والصورة. والأميرة قد تشبه الحكومة الكندية، وخشية الأرنب على أذنه وشاربه من أن تقطعهما وزيرة الخارجية إن هو أخل بواجبه في برنامج الفوضى الخلاقة في الممالك الصحراوية.
الموقف الثالث: وجدت «أليس» نفسها في مكان يشبه قاعة كبيرة أبوابها مغلقة وفيها نفق طويل وضيق جداً، فرفضت الدخول فيه إلى أن أقنعتها دمية بشكل زجاجة قالت لها: اشربيني اشربيني. وبعد أن شربت «أليس» من محتوى الزجاجة أصبح حجمها صغيراً فدخلت النفق الذي قادها إلى حديقة جميلة.
أوجه الشبه: كان عقل «أليس» قبل الشرب من الدمية الزجاجية مستعداً لرفض دخول النفق، وبعد الشرب صغر عقلها فعبرت إلى الحديقة الجميلة. وعلى القارئ بحسب ثقافته تأويل العلاقة بين الحجم والعقل والدمية والسائل الذي ينقل شاربه إلى حديقة جميلة متوهمة.
الموقف الرابع: في الحديقة وجدت «أليس» كعكة كتب عليها احمليني وكليني، وما أن أكلتها حتى انتفخ جسمها وأصبحت عملاقة.
وجه الشبه: لا حاجة إلى تعليق لأن في إيحاءات احمليني وكليني المنتهية بالانتفاخ ما يغني عن ذلك.
الموقف الخامس: هرب الأرنب خوفاً من «أليس» العملاقة فسقطت من قفازه مروحة، وما أن أشعلتها «أليس» حتى عادت إلى حجمها ففرحت ثم رمت المروحة في بحيرة كتبت عليها لوحة بحيرة الدموع وبداخلها فأر يصيح: أنقذيني أنقذيني.
بحيرة الدموع التي بداخلها فأر يطلب إنقاذه من البحيرة تجسد مصير من ينقاد خلف أحلامه.
أكتفي من المواقف بهذا القدر لضيق المساحة المخصصة للمقال. في بقية القصة أميرة تحمل طفلاً يبكي قالت لـ»أليس» عندي موعد مع الملكة، وقطة تمشي مع الأميرة قالت لـ«أليس» أعرف عما تبحثين فهناك يعيش أرنب ظريف أسرعي يا «أليس» لزيارته. تستمر الغرائب والعجائب مع أرانب أخرى وصانع قبعات مجنون وحاكم وحاكمة وضباط وجنود يدعونها إلى اللعب معهم أو الذهاب مع الببغاء إلى السلحفاة الحزينة، وهناك أيضاً قط لعين وقرد ضاحك وحارس عملاق.
تنتهي القصة بمحاكمة «أليس» في بلاد العجائب ويحاولون قتلها إن لم تشهد بما تعرفه عن موضوع المحاكمة. تصمد «أليس» لأنها لاحظت أن كل ما حولها مجرد شخصيات من ورق، ثم تستيقظ «أليس» في القصة على صراخ أختها: استيقظي يا «أليس» استيقظي. وينتهي الحلم الكابوس.
التعليق الأخير: الصحراوية «أليس» سوف تكتشف بعد أن تمر بعجائب المخلوقات وغرائب المتناقضات أنها كانت في كابوس كل ما فيه من ورق، ثم تعود إلى صحرائها، نسأل الله أن ترجع سالمة لم يمسسها سوء مثل بطلة القصة «أليس» في بلاد العجائب.