عبد الله باخشوين
** يقال إن لعبة (البلوت) جاءت مع بعض أبناء (الجاليات) الإسلامية التي استقرت في مكة المكرمة.. وكذا يقال عن (كرة القدم) قبل فترة طويلة من تأسيس الأندية الرياضية في المملكة.
وطبعاً انتشرت (البلوت) وأصبحت لعبة (شعبية) من ألعاب (التراث السعودي) حتى إن المستشار تركي آل الشيخ استحدث لها (بطولة) ناجحة تسجل ضمن إنجازاته لعالم الرياضة السعودية.. وبعد سنوات طويلة من جلوسي كـ(مشاهد) للعبها.. وفهم قوانينها و(أصول) لعبها حاولت تعلمها قبل أن يقوم أحد لاعبيها الطفيليين -وهم كثر بالمناسبة- باستفزاز (عمنا) باربود بطريقة أدت لوفاته فوراً.. هجرت مجلسها ولم أعد إليه.. لكن تشكلت عندي (ثقافة بلوتية). وفهمت أنها لعبة تقوم على (تقسيم الحواس)، فالفريق المكون من (شخصين).. لا يتقاسم انتباه (الحواس) مع قبيله فقط لتصبح مقسومة على اثنين ما في يده وما يلعبه قبيله.. لكن عليه (قسمتها) إلى أربع بعد أن تتم عملية (الشراء) من أحد اللاعبين كعملية أساسية لأنها لعبة تقوم على المزايدة في كل مراحلها وحتى في طريقة عدها بدءاً من (السرا) وحتى الـ(أربع مية) وحتى في مسميات (شرائها) التي تبدأ بـ(الحكم) وتنتهي بـ(الدبل).
بعد هذا الوصف (حق المثقفين) أعود للسينما التي كنت أعشق مشاهدتها قبل أن يتحول معظم إنتاجها إلى ما يشبه ألعاب (الفيديو قيم) بحكم سيطرة (تقنية الكمبيوتر) على معظم مراحل إخراجها.
فقد شاهدت -مؤخراً- كثيراً من أفلام (التجسس) التي أنتج منها كم كبير عن مختلف مراحلها خلال فترات مختلفة من الحرب العالمية الثانية.. ولا أدري لم قادني أسلوب تدريب (العملاء) لتذكر (تقنيات) لعبة (البلوت) حيث يبدأ التركيز على الفتيان الذين لا يحبون المشاركة في ألعاب بقية الفتيان التي يتخللها بعض العنف ويفضلون (المشاهدة) على اللعب حيث إن أهم طريقة لتجنيد الجواسيس تبدأ بأولئك الذين لديهم (فضول مزمن) للمشاهدة ويمثلون (الطبقة الدنيا) بمهمات تقوم على المتابعة والملاحظة.. أم الذين يتم اختيارهم للعمل كـ(محترفين).. فإن أهم اختبار يخضعون له بعد التدريب يقوم على قدرة (العميل) على النجاح في مهمة (تقسيم الحواس) وهي ليست عملية سطحية كاللعب لكنها تقوم على أربع حواس أو مهارات كالجلوس في المقهى وتبادل الحديث مع (قبيلك) بالشق الأيمن من كيانك الجسدي وتسمع بالجانب الأيسر منه كل تفاصيل الحديث الذي يدور بين اثنين يجلسان على الطاولة الأخرى.. على أن يتم ذلك دون أن تقطع حديثك أو يغيب عنك شيء من الحديث الذي كلفت بمتابعة تفاصيله.. مع الحفاظ على قدرة (عينيك) على متابعة كل ما يدور حولك.. وقدرتك على ترك المكان.. أو استخدام العنف إذا تطلب الأمر.
وطبعا كان أهم إنتاج لتلك الأفلام هو الأفلام البريطانية.. التي تستعين بخبراء ووثائق حقيقية تثبت تفوقها الاستخباراتي كدولة مؤسسة له.. أخرجت للسينما العالمية شخصية العميل (0-7) من خلال عميلها الأشهر (جيمس بوند) الذي ما زال يقوم بدوره ومهماته حتى الآن...؟!