صيغة الشمري
إن الجهود الكبيرة التي تبذل لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة لا يمكن أن تؤتي ثمارها دون مشاركة فاعلة وقوية من كافة فئات المجتمع ووعي حقيقي بوضع هذه الفئة الغالية على نفوسنا واحتياجاتها، وهو ما لا نزال متعثرين فيه حتى الآن بشكل مثير للقلق، فقد أعلنت الإدارة العامة للمرور عن ضبطها 2825 مركبة مخالفة في يوم واحد، قام أصحابها بالوقوف في الأماكن المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو رقم ضخم ومؤلم في الوقت ذاته، أن نجد هذا الكم من السائقين غير واعين بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وقد سمحوا لأنفسهم بالتعدي على الأماكن المخصصة لهم، إن هذا الخطأ -على بساطته- يشكِّل «جريمة مركبة»، فالسائق الذي قام بهذا الفعل لم يرتكب مخالفة مرورية عادية، بل ارتكب عدة مخالفات في آن واحد، فهو أولاً ترك سيارته في مكان خاطئ غير مخصص له، وثانياً تعدى على حقوق الآخرين، وثالثاً أن «الآخرين» الذين تعدى على حقوقهم هم فئة تحتاج منا أن نوليها رعاية وعناية مضاعفة لا أن نجيز لأنفسنا التعامل معهم بهذا الاستهتار وعدم التقدير، ورابعاً أنه أفسد الجهود المبذولة للتسهيل على ذوي الاحتياجات الخاصة.
لذا، في المرة القادمة، وقبل أن نسمح لأنفسنا بالتعدي على حق من حقوق إخواننا ذوي الاحتياجات الخاصة بتوقيف سياراتنا في أحد الأماكن المخصصة لهم، يجب أن نتذكر حجم المشقة التي يمكن أن يتكبدها صاحب هذا المكان خلال بحثه عن مكان آخر، لنتذكر أننا بهذا الفعل نشارك في تأزيم حياة شخص يجاهد ويكافح لكي يحيا حياة طبيعية دون معاناة أو ألم.
إن الأزمة في الأصل هي أزمة وعي، حيث إن عملية توفير الخدمات والتسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة، لا بد أن توازيها جهود أخرى لنشر الثقافة بمتطلبات هذه الفئة وكيفية مراعاتها، وهو أمر لا بد أن نزرعه في نفوس أبنائنا من الصغر، لا بد أن تتضمن مناهجنا التعليمية دروساً واضحة وصريحة تخاطب عقول أبنائنا وتنيرها وتوضح لهم دورهم في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم يد المساعدة لهم، لا بد أن نعلم أبناءنا كيف يكونون عوناً لهم لا عائقاً في سبيل أن يحيوا حياتهم بشكل طبيعي.