يتهاون البعض أو يستسلم لرغباته بكل إرادته وقوته فهذا يبدأ تدخين أول سيجارة ليهرب من ضغوطٍ يعانيها أو ليثبت رجولته أمام أصدقائه ليضر بذلك صحته ويؤذي الآخرين بتلك الرائحة الكريهة والمؤذية لأجسادهم وآخر نراه يعتاد السرقة فيمد يده على ما ليس له ليسرقه دون تأنيب في الضمير وهذا شخصٌ نراه يتنمر على من هم أضعف منه فيضرب بوحشية شخصاً ضعيفاً في البنية الجسدية أو يهينه ليفرغ الطاقات المكبوتة بداخله ويتخلص من الضغوط المتراكمة على ظهره دون أن يمنح نفسه فرصة التفكير بالأضرار النفسية والجسدية المترتبة على فعلته تلك، وهذا آخر نراه يقود السيارة بسرعة جنونية دون أن يهتم بأرواح الآخرين فالمهم لديه أن يصل بأقصى سرعةٍ ممكنة متناسياً حجم الضرر الذي قد يلحق تهوره بنفسه أو بالآخرين، فالمستشفيات ومراكز التأهيل التي تعج بالسائقين وضحاياهم خير شاهد على ذلك. فجميع تلك الأمثلة وغيرها تشترك بأن شرارتها انطلقت باعتقاد ورغبة تشبثت في العقل وعكفت اليد على ترجمة تلك الرغبات إلى سلوكيات لتتحول مع الأيام إلى عادات لتصبح جزءاً من شخصية الإنسان وطباعه بغض النظر عن فائدتها أو ضررها وما أن يتنبه الفرد إلى الطالح منها ليتخلص منه إلاَّ ونجد منهم من ينجح في دائرة التغيير ويُحوِّل السلوكيات السلبية لأخرى إيجابية، أما البعض الآخر فيفشل في التغيير وتبقى يده تسيطر على سلوكه وتسبق عقله رغم اقتناعه التام بسوء السلوك وفداحته وكأن رغباته متمثلة في يده التي سيطرت عليه. وبعد مُضِي سنواتٍ على ممارسة التدخين باقتناع تام يأتي هذا الشخص ليكتشف أنها ليست سبيلاً لتحقيق الرجولة أو الهروب من الأحزان فيبدأ فكرة التغيير وبمجردِ انقطاع قصيرٍ أو طويل تعوده يده مجدداً لتُخرج سيجارةً من علبة السجائر التي في جيبه، وهذا يقتنع أن الضرب سلوكٌ خاطئ وأن الشخص الذي تمَّ ضربه تم إيذاؤه جسدياً ونفسياً ولكنه يده تسبق عقله ليضرب مُجدداً، وآخر متيقن أن القيادة الجنونية تقوده لسلب روحه قبل أرواح الآخرين ولكن يده ورغبته تسبق عقله في أنَّها تُمْسكُ المِقْوَد بكل قوتها ليبدأ أولى خطوات سلوكه القسري في ضغط قدمه على دواسة البنزين فيرتفع مؤشر السرعة ويتخطى هذا وذاك بطريقةٍ هي أقرب للجنون من الصواب. فعندما تدفعك يدك ورغبتك إلى سلوك خاطئ امنح نفسك فرصة التفكير مجدداً وادرس إيجابيات وسلبيات ما تريد فعله قبل أن تعتاد عليها لتعطي مجالاً لعقلك أن ينتصر علىيدك التي كادت أن تبطش بك وبالآخرين.