محمد سليمان العنقري
الأطراف الرئيسية في معادلة سوق العمل المحلي تتمثل بشكل أساسي بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية والجهات الموظفة، على الأخص القطاع الخاص، والعنصر البشري الذي يطلب الوظيفة. ونستبعد القطاع العام ووزارة الخدمة المدنية من المعادلة على اعتبار أن المستهدف أن يكون التوظيف جُله بقطاع الأعمال. ويتبادر للذهن السؤال الرئيسي: ما الذي ينقص هذه المعادلة لكي تتحرك عجلة حلول ملف البطالة، وتنخفض النِّسب لمستويات أقل بكثير مما هي عليه حاليًا؟
فوزارة العمل أطلقت العديد من البرامج لرفع نِسب التوطين منذ سنوات طويلة، وخصوصًا في العقد الأخير، كان أشهرها برنامج نطاقات، لكن البطالة لم تنخفض، بل ارتفعت من 9.6 % عام 2010م إلى 12.9 % حاليًا رغم زيادة عدد الذين تم توظيفهم بالقطاع الخاص بنسبة كبيرة، بلغت الضِّعف خلال هذه المدة؛ ليصل عددهم إلى نحو 1.8 مليون موظف وموظفة سعوديين. أما القطاع الخاص فقد التزم بما تقرره الوزارة من أنظمة ولوائح حول نِسب التوطين، لكنه في المجمل لم تكن جُل هذه الوظائف ذات متطلبات ودخل مناسب للعاطلين إلا أن القياس العام لمدى التزامه هو بحسب ما تقرره الوزارة. أما العنصر البشري فهو جاد بطلب العمل، وكثير منهم لديه مؤهلات عليا؛ فأكثر من 37 في المئة من العاطلين تعليمهم فوق الثانوي. ومن جانبها أيضًا لم تتأخر وزارة العمل بتغطية جزء من رواتب الموظفين السعوديين الجدد كمحفز للقطاع الخاص؛ ليوظفهم، وخصوصًا من لا يملكون أي خبرة.
لكن رغم هذا المشهد الذي يبدو مثاليًّا حقيقة للتعامل مع ملف البطالة ما زالت النتائج دون التوقعات؛ فبحسب خطة التنمية التاسعة التي انتهت في العام 2014م كان يفترض أن تصل نسبة البطالة في نهايتها إلى 5.5 %، لكن النسبة ارتفعت حتى ذلك التاريخ إلى 11.6 %. إذًا هناك حلقة مفقودة، ويمكن اعتبارها طرفًا رابعًا أساسيًّا، لا بد من إيجاده؛ لنستطيع مد الجسور بين بقية الأطراف، وخصوصًا القطاع الخاص وطالبي العمل. فاتجاه الوزارة للتوطين الموجَّه، والتركيز على المهن المهمة في الاقتصاد، يعد توجهًا إيجابيًّا، لكن لتحقيقه لا بد من طرف يكون فعالاً أكثر بميدان السوق، يستطيع أن يحقق الهدف المطلوب، وتبقى وزارة العمل مراقبًا ومنظمًا ومشرفًا على السوق.
ملف البطالة بالتأكيد هو مسؤولية جهات عديدة، ووزارة العمل ليست إلا إحدى تلك الجهات، وإن كان دورها رئيسيًّا في هذا الملف، لكن لا يلغي ذلك الحاجة إلى إيجاد الحلقة المفقودة بتركيبة السوق؛ لكي تتحقق الأهداف المرجوة من كل الخطط التنموية، وتنخفض معدلات البطالة لمستويات متدنية، تتناسب مع حجم الاقتصاد السعودي الكبير والإنفاق السخي من الدولة على خطط التنمية لتوفير حياة كريمة للمواطن. وينعكس الاستثمار في الفرد على الاقتصاد بإيجاد فرصة العمل المناسبة له، وأيضًا لما تم إنفاقه على التعليم والتأهيل لبناء رأس مال بشري، يعد هو عماد التنمية والعامل الرئيسي بتحقيق أهداف رؤية 2030م.