سمر المقرن
نشرت صحيفة «الوطن» يوم السبت الفائت إحصائية عن مركز تصحيح الجنس في مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، توضح أنه خلال 35 عامًا بلغ عدد عمليات تصحيح الجنس 1600 عملية. وتحدث المتخصصون عن ضرورة تصحيح المفاهيم بالتفريق بين عملية تصحيح الجنس وعملية تغيير الجنس. هذه الثانية هي المحرمة شرعًا، وغير مقبولة اجتماعيًّا. وحتى لا يُظلم أصحاب العمليات الأولى فمن المهم التفريق والتوعية في هذا الأمر؛ إذ أن مَن يعانون اضطراب الهوية الجنسية يعتبرون هذه النظرة مجحفة بحقهم من قِبل الناس؛ إذ إن النظرة لهم كشواذ جنسيًّا ومنحرفين عن الطبيعة السوية.
أتصور أن طرح هذه القضية مهم جدًّا؛ لأنها تكررت كثيرًا، وأصحابها يعانون مشكلة حقيقية، بحاجة إلى أن نفتح أوراقها، ونناقشها بطريقة واعية بعيدًا عن الاستفزاز الذي تنتهجه بعض وسائل الإعلام التي زادت من حدة قسوة نظرة الناس تجاه الأشخاص الذين يعانون اضطراب الهوية، وذلك باستضافة بعض المنحرفين الشواذ، وتقديمهم للإعلام على أنهم النموذج لهذه المشكلة!
بعث لي رسالة أحد الأشخاص ممن يعاني هذا الاضطراب: «أنا أخاف الله، وملتزم بديني وفروضه، وبالعادات والتقاليد، لكن حالتي طبية غير ظاهرة في جسدي، وهو جسد رجل، وُلدت فيه، وأرفضه؛ لذا تصرفاتي وسلوكياتي الأنثوية أنا مجبر عليها، ولا أقوم بها لأني شاذ أو أريد لفت الأنظار». هذا جزء من كلامه.. والحديث يطول. لكن في تصوري إنها قضية مهمة، وتحتاج إلى وعي إعلامي لمعالجتها، وتوعية الناس بأنها مرض، وأن مشكلة هؤلاء بيولوجية وهرمونية، يولد بها هؤلاء الأشخاص، وتظهر أعراضها غالبًا في مرحلة الطفولة، لكن الأهل في الغالب يتجاهلون هذا الأمر، ويعتقدون أن الطفل سوف يتغير بعد أن يكبر.
لا أنكر أنني كنت في السابق مثل كثير من الأشخاص في هذا المجتمع الذي يحتقر هؤلاء، لكن منذ سنوات وأنا تنهال عليّ مثل هذه القضايا، وعندما تعمقت في البحث وجدت أنه «مرض» لا ينبغي النفور من أصحابه أو الشماتة بهم، بل دورنا هو مساعدة الجهات الصحية والنفسية المتخصصة لعلاجهم، ومن المهم الإشارة إلى أن العلاج ليس بإعادة الشخص ليكون في الجسد الذي خلقه الله - سبحانه وتعالى - عليه، وهذا دور الطب فيه، إنما دورنا نحن المجتمع هو في أن نتقبل وجود هذه الفئة، أو على الأقل نكون محايدين إلى أن يجدوا العلاج الناجع لحالتهم. وهم لديهم معاناة نفسية شديدة، قد تصل ببعضهم إلى حد الانتحار؛ فعلينا أن نفرِّق بين الشخص الشاذ جنسيًّا والشخص الذي يعاني اضطراب الهوية الجنسية!