د. عبدالرحمن الشلاش
لدي قناعة بأن أي وزير قادم للتعليم لديه كثير من الأفكار الإدارية والتعليمية التي سيحاول تطبيقها من أجل وضع التعليم في مساره الصحيح كمصنع لتربية وتعليم الأجيال من خلال بيئة تعليمية مميزة وجاذبة للطلاب والطالبات، وللدفع بمخرجات ذات جودة عالية وبالمواصفات التي يطمح لها المجتمع المتعطش لنوعية مختلفة من التعليم.
ولدي ثقة بأن الوزير الجديد قادر على ترجمة تلك الأفكار متى ما وجد فرق العمل ذات الكفاءة العالية والخبرة الواسعة وتحمل المسؤولية وهذه بطبيعة الحال تتوقف على اختيارات معاليه ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وهذه بالذات تستدعي إقدامه على التغيير فقد حان وقته، وجهاز الوزارة إضافة إلى الجامعات والمناطق التعليمية مليئة بقيادات لا ينتظر منها جديد فقد أخذت فرصها كاملة وربما أكثر ولم تقدم ما يشفع لها بالبقاء والاستمرار لذلك أرى من وجهة نظري أن من أولويات عمله الوزاري اتخاذ قرارات التغيير العاجلة بمنح الفرص لكفاءات جديدة وبمواصفات العصر الحاضر لا العصور القديمة التي عفا عليها الزمن.
مدير الجامعة وأيضا المدير العام في الوزارة ومدير التعليم في المنطقة أو المحافظة قيادات تتبوأ مناصب ذات تأثير وينتظر منها الكثير من العمل النوعي ذي التأثير الإيجابي وهذا لن يحدث إلا إذا كان لديها القدرة على التغيير وبالتالي التجديد والتحديث والتطوير وتحسين الأداء واتخاذ القرارات التي تخدم التعليم والتناغم مع فكر الوزير، وفي المقابل لا يمكن أيضا لهذه القيادات أن تعمل وتنتج وتحدث نقلات منتظرة ما لم تفوض الصلاحيات في نطاقاتها الإشرافية. بمعنى أن لا تكون قيادات تنفذ وتنتظر القرارات من وزارة مركزية تستحوذ على كل الصلاحيات.
الخيار الأنسب لوزير التعليم في المرحلة الراهنة التحول التدريجي من نظام تعليمي مركزي مكبل وبطيء الحركة ومعيق للتغيير وقاتل للإبداع إلى نظام لا مركزي مسرع للقرارات يقضي على البيروقراطية وروتينية العمل ويدرب القيادات في المستويات الإدارية المتوسطة ويمنحها الخبرة المطلوبة للتدرج في مراكز أعلى، لكن التحول إلى المركزية ليس بالقرار السهل، بل هو عمل له متطلباته، ومن أبرزها ما ذكرته عن اختيار القادة الأكفاء من أصحاب الفكر الوطني العالي لأن هؤلاء سيفوضون صلاحيات هي بمثابة أمانة وينبغي أن يكون المفوض في مستوى الثقة وإلا سيكون معول هدم لكل جهود الوزارة، ومن متطلبات التحول للامركزية وجود جهاز للمحاسبية بكفاءة عالية جدا يتابع التطبيق بعد أن يتم تدريب القيادات من خلال ورش العمل.
قد يطرح البعض سؤالا عن الفائدة المتوقعة من اللامركزية. لكن الإجابة على هذا السؤال يسيرة إذا ما أدركنا حجم مميزاتها إذا طبقت بشكل صحيح ووفق متطلباتها الأساسية، وكمية السلبيات التي ما زال يخلفها النظام المركزي!
أول ثمار اللامركزية المنتظرة تخفيف الأعباء على جهاز الوزارة في الرياض، وسرعة ومرونة القرارات، وزيادة كمية الإنجازات، وعدم الاتكالية، ومنح الفرصة للابتكار والمنافسة، وقضاء حاجات الناس في مناطقهم دون اضطرارهم للسفر للرياض أما من أجل قبول أو نقل أو معادلة شهادة أو طباعة كتب وأمور كثيرة جدا يمكن للوزير منحها للمناطق إضافة لاستقلالية الجامعات. إجراء التحول للامركزية سيكون دون شك نقلة نوعية بعد أن عانى التعليم لسنوات طويلة من المركزية المتشددة.