محمد المنيف
رحلت الفنانة الرائدة صاحبة الابتسامة والروح المتفائلة، رحلت لتقول لنا كما قال من قبلها إن الحياة (دقائق وثوان) لا تحتمل المشاحنات، كانت تعمل أكثر مما تتحدث وإذا تحدثت لا يتجاوز حديثا عشقها للفن التشكيلي والحديث عنه وعن ما تتمناه أن يتحقق له وللفنانين وكيف لنا وللجهات الرسمية تطويره والأخذ به كإرث وطني.
التقيت بها كثيرا بدءا بمعرض أصدقاء الفن في الخليج خلال إقامته في الرياض عام 1985م الذي جمع نخبة لا تتكرر من المملكة والخليج بعضهم رواد وبعضهم ما زال يخطوا خطوته الأولى فكان مزيجا رائعا ومن رائداته ورائدات الفن في تلك المرحلة الراحلة منيرة من السعودية خير من مثل الجانب النسائي في الفن التشكيلي.
ثم التقيت بها أخيراً عام 2016 في دبي وهي تشارك ضمن حافظ جاليري مع عمالقة الفن ومنهم الفنان المصري أحمد نوار كانت وقتها منتشية ومتألقة تشع من عينيها فرحة تواصلها وبقاءها محاربة في عالم الفن بالحضور والتواجد، طلبت منها ان أصورها مع لوحاتها فقالت وهي تضحك من أعماقها (أزبط الصورة يا محمد).
فنانة بحق بالثقافة والإبداع والبحث في أعماق الفكرة كانت آخر إبداعاتها مستلهمة من الواسطي قناعة منها بالفن العربي والتراث مع ما سبق لها من أعمال لم تخرج بها تقليداً أو محاكاة للآخر برغم دراستها في الولايات المتحدة ورحلاتها الكثيرة لمختلف دول العالم بل شكلت لها شخصية مستقلة تعرف بها دون إمضاء. فنانة خدمت الفن بالريشة والألوان وقدمت خدمات لأجيال كثيرة وتواضعت وأقامت مراسم وورش للأطفال وحكمت مسابقات كثيرة.
تعاملت مع إبداعها كباحة في الحالات الإنسانية ولامست كثيرا مما علق بحياتها الخاصة فكان تعاملها مع العمل الفني انعكاسا للوجود والحياة بكل تفاصيلها بأسلوبها وانطباعاتها تأتي كرسائل للمشاهد المثقف الواعي.
رحلت منيرة موصلي وأبقت لنا إرثاً وأثراً ينبغي أن يتلفت إليه وأن يؤخذ بعين الاعتبار من وزارة الثقافة أو هيئة الثقافة أو مؤسسة ممثلة في مسك للفنون ومعهد مسك حتى ولو لم يشملها الاهتمام السابق، وليستكمل تكريمها كرائدة بمعرض يلم شمل إبداعها.