جدة - «الجزيرة» - محمد المنيف:
مدينة أو محافظتها أو حاضرة جدة كلها تنطبق على حقيقتها، حيث تجمع مظاهر الحضارة بناءً معماريًا وإنسانيًا. ففي تنوع ثقافات مجتمعها مذاق حُقَّ لها أن توصف (بجدة غير).
زرتها بناء على دعوة من فرع جمعية الثقافة والفنون التي منحتني تكريمًا اعتز به.. وكانت فرصة أن أتجول في هذه المدينة التي تجاوزت سمعة اهتمام شبابها وشيبها بالفنون عامة وبالفنون التشكيلية على وجه الخصوص، وسعدت برفقة الزميل خير الله زربان الإعلامي الذي كشف لي أيضًا موهبته في الإرشاد السياحي، إضافة إلى الزميل الفنان أحمدة حسين، والفنان فيصل الخديدي..كانت جولة زاد جمالها مساحة العقل والوجدان فاستقرت في سويداء القلب..
مرسم طه صبان كنز وإرث إبداعي
بدأنا الجولة بزيارة إلى مرسم الفنان طه صبان الذي يُعدُّ بكل ما تعنيه الكلمة كنزًا وإرثًا إبداعيًا يستحق الاهتمام، وتحويله إلى متحف بنقله إلى مكان يتناسب مع ما فيه من أعمال تنبع من أعماق البيئة والمجتمع بهوية وطنية توثق جمال جدة وتاريخها وأصالتها لوحات مستلهمة من الواقع دون تشابه أو تماثل ممل أو بقدر ما يراها الزائر شريطًا سينمائيًا قوامه «الكانفس» والألوان.
طلال أدهم ولم شمل الفنانين في جدة
واصلنا الجولة من مركز طلال أدهم الذي تحول من سوق تجاري إلى مجمع إبداعي استثمر في تأجير الفنانين لمحلات كل بحسب المساحة التي يرغبها من (تلك الدكاكين) التي تحولت إلى صالات عرض لا يتوقف فيها الحراك التشكيلي ما بين زوار ومقتنيات وورش تدريب وندوات كل بحسب برنامجه، فكان المكان بمنزلة خلية نحل وحراك لا يتوقف، خصوصًا فترة المساء حيث يحضر الفنانون أما للرسم أو استقبال ضيوف الفن من زوار جدة فكانت الصالات والمراسم خلال زيارتي على النحو التالي. (نواة الفن للفنانة الدكتورة ناهد تركستاني، وكيو ارت للفنان ربيع الأخرس وزوجته، وصالة مدار فن لسلوى الرفاعي وصالح العساف، وصالة منال ارت للفنانة منال باحنشل،.وصالة مدينة لإبداع للفنانة مها، وأكاديمية جدة للفنون للفنان هشام بنجابي وزوجته هند نصير، وصالة رؤى الفن للفنان هشام بنجابي، كذلك كان جمعية التشكيليين لها نصيب من المكان تمثل في آلة مع خلوها من أي نشاط.
المكان قابل للتوسع والزيادة والعمل فيه يدل على أن القادم سيكون أكثر عددًا وتنوعًا. وحظينا خلال الزيارة بوجود ورشة للفنانين سعيد العلاوي ووالفنان فائز أبو هريس في صالة نوات الفن حضرها مجموعة من المواهب.
معارض في كل جزء من جدة
بعد احتساء كوب من الشاي في مركز أدهم للإبداع انتقلنا في جولة لم أعد أحدد فيها اتجاهات بوصلتي الفنية لعدم معرفتي بأحياء جدة، فتركت العنان للزميل المتألق خير الله زربان يأخذنا لصالات عرض تتنافس بما يعرض فيها، فكانت أولى جولاتنا في حافظ جاليري الذي احنضن معرضًا للفنان الرائع صاحب الخيال والعين القانصة لمكامن الجمال محمد الغامدي... ومنها إلى صالة اتيليه جدة الذي كان يحتضن معرض الفنان فهد خليف الذي يمتلك عناصر الإبداع ومقموماته كثافة إنتاجًا وتمسكاً بخطه وأسلوبه الذي برز في تكرار عناصره المعتادة ليتحول المعرض إلى عائلة تشكلت من أبناء فهد الإبداعية. وأخيرًا كان حط الرحال في معرض الفنان أحمد حسين في صالة داما ارت التي يديرها، حيث قدَّم نماذج من معارضة السابقة مؤكدًا في أحد أعماله المفاهيمية المنفذة بالأحجار إلى أهمية البحث والتجريب والنظر إلى الواقع بتأمل لا بسطحية.
هذه نماذج من فعاليات لا تتوقف في جدة الأجمل دائمًا بالمبدعين من الجنسين يختلفون في الآراء ويتجاذبون ذلك الاختلاف بمختلف السبل لكنهم يجتمعون على الإبداع ما يثير العجب والإعجاب أن تسمع تلك المفارقات ثم تراهم يلتفون حول الفن.