علي الصحن
ظهر المنتخب السعودي الأول بمستوى مميز خلال الجولتين الأوليين من بطولة أمم آسيا، وذهب تحفه دعوات محبيه وعشاقه إلى الدور التالي من البطولة، والحقيقية أن بعض المتابعين لم يكن متفائلاً بقدرة الأخضر على فعل ذلك، أو على الأقل الذهاب بعيداً في المراحل المتقدمة، خاصة بعد المفاجآت التي قدمه مدربه بيتزي في القائمة المنتقاة للمشاركة في البطولة، والتي تجاهلت بعض الأسماء، وضمت أخرى لم تخطر على بال أحد.
اليوم تحولت الآراء إلى النقيض، وارتفع سقف الطموح، وغلف الخوف من المشاركة برضا تام ممزوج بكثير من التفاؤل وبدأ الجميع ينظر إلى ما هو أبعد من التأهل، ويأملون أن يعيد الأخضر سيرته الأولى ويعود من أبوظبي بكأس دام انتظارها عقدين ونيف من الزمان.
ليس سابقاً لوقته القول إن لمسات بيتزي بدأت تظهر على الأخضر، ولأن منتخبنا كسب مدرباً عرف كيف يصنع خلطته بما ينفذ خطته، الحقيقة أن لمسات الرجل وشخصيته بدأت تظهر على الفريق من بداية إشرافه على المنتخب، إن في المباريات والدورات الدولية الودية التي لعبها الأخضر قبل مونديال روسيا وبعده، أوفي المونديال نفسه، فبعيداً عن عثرة الفريق في لقاء الافتتاح أمام روسيا، فقد قدم أداء رفيعاً أمام رفاق سواريز ثم فاز على نظيره المصري وكسب الكثير من الرضا.
قبل أن يمضي الأخضر في طريقه الآسيوي، وبعيداً عن المحصلة النهائية، علينا أن نشد على يد بيتزي وجهازه الإداري ولاعبيه، لم يجد بيتزي من يصفق له وهو يختار قائمته للبطولة، لكنه في النهاية أكد أنه اختار الأفضل ومن يخدم طريقته ويستطيع تنفيذ أفكاره على المعشب الأخضر، لم ينحز للأسماء كما يفعل بعض المدربين، بل فرغ نفسه ومساعديه لمتابعة المنافسات المحلية، فجاء بقائمة مميزة فرضت نفسها في بداية المشوار.
المحصلة النهائية للمشاركة قد لا تكون عند الطموح، في كرة القدم كل شيء متوقع، ربما تخسر وأنت الأفضل، لكن هذا يجب ألا يضع حداً لمشوارك، أو يوقف مشروعك، علينا أن ندعم المنتخب ولاعبيه والقائمين عليه، وأن نتوقع منهم الأفضل دائماً.
المنتخب الحالي سيكون نواة الفريق الذي سيشارك في التصفيات المقبلة لمونديال 2022 هذه حقيقة يجب التعامل معها بجدية تامة، مرت قوائم كثيرة للأخضر، وقوائم لمنتخبات الفئات السنية، وكثيراً ما رددنا بأنها نواة المنتخب الأول وعموده الفقري بعد خمس سنوات، الحقيقة أن معظم الأسماء التي تضمنتها تلك القوائم، لم تلبث طويلاً في الملاعب، وتسربت منها كما يتسرب الماء من الكف، وذهبت كل الآمال المعقودة عليها مع الريح، وهو ما يجعلنا نطالب بالحفاظ على القائمة الحالية، فجلها من اللاعبين الشبان الذين سيكونون بعد أربع سنوات – بإذن الله - في أوج عطائهم الكروي، ولن يكون ذلك إلا بمنحها المزيد من الثقة والدعم، ومنح مدربها كل الصلاحيات لإكمال مشروع صناعة أخضر 2022.
أعود إلى مشاركة الأخضر في أمم آسيا 2019 وأقول إنه قادر على صناعة فرحنا وتحويل أحلامنا إلى واقع، وعندما لا يحدث ذلك – لا سمح الله – فعلينا التعامل مع الأمر بروية وهدوء، فليست النهاية، والطموحات لا حدود زمنية لها، وما قد يفوت اليوم سندركه بإذن الله في الغد، مع التأكيد بأننا – وهذه طبيعة النفس البشرية – نتوق إلى اختصار الزمن وتحقيق حلمنا الجميل على أرض الإمارات الشقيقة.