فهد بن جليد
توفر كل معلومة تحتاج الرجوع إليها أو معرفتها في هاتفك المُتحرك، لا يعني أنَّك تملك القيمة المعرفية والثقافية لكل تلك المعلومات، مالم تفهمها تطبيقاً أو استيعاباً، شخصياً أجد شبها كبيرا بين هذه الحالة، ومن يعتقد أنَّ كل ما يوجد في (البقالة) المُجاورة لمنزله من أغراض ومُنتجات مُلك له عند الحاجة حتى لو لم يمتلك المال اللازم, فالفرق واضح بين من يمتلك المعلومة ومن يستطيع الوصول إليها, وهنا الاختلاف فمعرفتك لكيفية الوصول إلى المعلومة واسترجاعها لا يعني بالضرورة قدرتك على فهمه واستيعاب مُحتواها، لذا نجد أنَّ المُدرس أو المُحاضر أو المُتحدث الذي يقرأ من ورقة أو من جهاز كمبيوتر, أقل تأثيراً وثقة عند المُتلقي من الشخص المُتمكن من جميع أدوات وعناصر الموضوع.
الاعتماد على المعلومات الرقمية في الهواتف الذكية، أحدث ثورة ونقلة نوعية في حياة البشر، كُلنَّا نتفق على تأثيره الإيجابي في تسهيل حياة الناس، إلاَّ أنَّ لهذا الاعتماد تأثيرا آخر قد لا ندركه اليوم، ولكنَّه على المدى البعيد قد يتسبب في تعطيل عقول البشر أو التقليل من دورها, و بات اليوم مصدر إزعاج وقلق عند بعض العلماء فيما يُعرف بمفهوم (التبعية الرقمية) بمعنى أنَّ عقولنا باتت مخازن فقط لفكِّ (شفرات) هذه الأجهزة والتعامل معها, بدلاً من أن تكون مُستودعاً للمعلومة الأصلية بتأثيرها وقيمتها المعرفية, فثقافتك وفهمك ومدى تعلمك يحكمه قدرتك على معرفة كيفية الوصول للمعلومات واستعادتها بسرعة من هذه الأجهزة، إضافة لقدرتك التعامل معها ومعرفة أسرارها، ما أخرج لنا علماً موازياً لمفهوم العلم الحقيقي، بكيفية إدارة وتشغيل وفهم تلك الأجهزة والتقنيات.
قدرة أبناء الجيل على الحديث، الفهم، المعرفة، والنقاش، مُرتبطة بشكل كبير بالاستعانة بالأجهزة الذكية ومحتواها، فيما نحتاج إلى توزان معرفي بين قدرة العقل البشري والذاكرة الفائقة والخارقة والدقيقة لهذه الأجهزة، فالتفوق حتماً سيبقى لقدرة البشر, شرط أن نستخدم هذه التقنيات لخدمة عقولنا لا لتعطيلها.
وعلى دروب الخير نلتقي.