رمضان جريدي العنزي
ابتُلينا بشراذم غادرة، لها صفات الثعالب الماكرة، إن أعطيتهم ابتسموا ورضوا، وإن منعت عنهم تشنجوا وبكوا.. يقتلون القتيل ويمشون في جنازته.. صفاتهم الخبث والنكران والتلون والدجل.. وعودهم معسولة، وأقوالهم غريبة، وتظاهرهم بالإصلاح مريب، وهم بريئون منه كبراءة الذئب من دم يوسف ابن يعقوب. إن تكالبهم علينا اللاأخلاقي واللاموضوعي واللامنطقي يُعدُّ خرقًا فاضحًا لكل مبادئ الوطنية الحقة، والمنطق السليم، والتفوه الحسن.. إنهم مجرد مصلحيين ومراوغين، يعطون من طرف اللسان حلاوة، ويروغون بعد حين كما تروغ الثعالب.. منقسمون على أنفسهم، ومختلفون؛ كلٌّ له غاية وهدف ووجهة. ولأنهم غير صادقين في أقوالهم وادعاءاتهم لهذا نراهم مختلفين، ويكنُّون لبعضهم العداوة والشحناء والبغضاء من أجل المغانم والسمعة والحضور، والأرباح والمنافع. وعملاً بتعليمات المخابرات العدائية، وأقبية السوء، وآلات الدعاية الخبيثة، يصبون الزيت على النار، ويدسون السم بالعسل.. يتلونون بلا كلل ولا تعب ولا ملل، صباح مساء.. الحكايا الواهمة، والقصص الكاذبة، الشر والخبث والمكر والخداع ديدنهم.. وليس لهذه الأشياء عندهم حد ولا عد ولا سقف.. يتسكعون على أرصفة البُعد، لا شيء عندهم سوى الكذب، وروايات البهتان.. يعيشون الفراغ والعتمة، يلوكون الزور، ويشهدون به.. جودهم ليس حارسًا للأعراض، وأحلامهم سفه، وسلوكهم غدر، والاستشارة عندهم ليست هداية.. عقولهم مأسورة، وليس عندهم مودة، ولغوهم مقيت، ومشاعرهم غير نبيلة، وعواطفهم غير جياشة، ونفوسهم ليس بها صفاء، وقلوبهم غير طاهرة، وأرواحهم شريرة، وعقائدهم منحرفة، وأفكارهم ضالة، وأغصانهم غير يانعة.. يعيشون الظلم والظلام ورماد الغمام.. سلطويون، يقتاتون على ترهات الأفكار.. خطوطهم البيانية متذبذبة، ومواقفهم وتصريحاتهم متناقضة.. هم مثل تلك المرأة التي دست لزوجها السم باللبن؛ لأنه أقدم على غيرها، وعندما تجرع زوجها السم شُل لسانه، ودخل في دورة الاحتضار، وأشار إلى أبنائه الذين كانوا عنده نحو زوجته، يريد أن يخبرهم بأنها هي التي قتلته، وهي تقول له «فداك أبي وأمي.. كم أنت تحبني حتى أنك تذكرني عند موتك، وتوصي أولادك بي».. هم مثل تلك المرأة التي مزجت المكر والخبث بكلمات المديح والثناء تضليلاً وتعمية على ما اقترفت من عمل فظيع.. لكن سيبقى الوطن شامخًا وكبيرًا، وسيتلاشون مثل جليد عند ظهور الشمس، ومثل كومة رمل تذروها الرياح.