تزهو أيامنا، وتزدهر أحلامنا، وتكثر حدقة طموحاتنا، وتتسع أجنحة معرفتنا، وطيور تقديرنا وإعجابنا تتلألأ كلها في دفء أغصان كانت ترشفه سابقاً من نهر صاحب العطاء السياحي التراثي الجزيل، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السابق، الذي يسجل في التاريخ أنه واحد ممن أثَّر في مسيرة وطنه الكبير (المملكة العربية السعودية) فكتب في دفتر تراثه كيف توثق وتوضح الأصول، وكيف تكون الأصول آثار، وكيف تكون الآثار حضارة، مشلحها من مخمل المعرفة الواسعة باتجاه الأفق، المنسجمة مع السلوك الإنساني والبيئة الإنسانية، التي أعطاها سر الثبات في منازل التاريخ، ورتب صفوفها المتلألئة كحبات اللؤلؤ، وسكبها في منصات المتاحف على مستوى العالم أيقونة خالدة .
هكذا نجد وطننا وأنفسنا بين الدول ومواطنيها ونحن نذهب بمعيّة هذا القائد والمفكر، مفعمين بنشوة الظفر بمعرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في محطته الخامسة عشرة التي نعيش أيامها حالياً في «متحف اللوفر أبو ظبي»، وما يكمن في أحشائه من عناصر التقدم والرقي، وعلامات الانتماء إلى إرث حضاري كبير وترف في مقوماته وبذخه التاريخي وثرائه الوطني .
هكذا نحن في هذا الوطن العظيم تمضي ركاب ثقافاتنا القديمة وحضاراتنا المتعاقبة على مر العصور في أرمال الحياة، وهي تحث الخطوات، سائرة بالتتابع بالتطلع إلى عالم يهب مسرعاً في شوارع الدنيا، قطعه الفنية الفريدة هي أشجار حضارة المملكة العالمية من جوانب اتجاهات مكانتها الإسلامية باحتضانها الحرمين الشريفين، وكذلك دورها الاقتصادي وتأثيرها في العلاقات الإنسانية انطلاقاً من موقعها الجغرافي المميز الذي شكّل محوراً رئيساً في المجالات الثقافية والاقتصادية بين الشرق والغرب، وجسراً للتواصل الحضاري عبر العصور وبين العديد من حضارات العالم القديم، ومن دون منن أو نفج، لأن الهواء في وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) تبعثه أرواح ملكية منذ تأسيسه على يد الملك المؤسس عبدالعزيز - طيب الله ثراه - اختارها الله لتكون بامتداد الفضاء الرحب، واتضاح السماء الزرقاء، وألق النجوم، ودفق الأنهار، وخفة الأغصان، وهفّة الأوراق.
هكذا نحن في هذا الوطن الأنيق، نسير إلى الكون ونحن في فيء ظلال السياحة والتراث من صاحب السياحة والتراث، الذي جعل من التاريخ شعاعاً من ضوء نتجه به إلى غرف الآثار، لنجد سعي أشواقنا، لنجد أنفسنا هناك عند مرسى، فيه القطعة الأثرية النادرة مثل قارب مكتنزاته، حضارة تمسك بتلابيب خيوط الفجر، كي تعطي الوطن بياض الطوية، وضوح السريرة، وصفاء الثنايا، وكل ما يتجاذب في قلبه هو معارف تضاء بمصابيح الإيمان بمنزلتها، وعمودها في ترسيخ مكانة قوية مع نفسها، منسجمة مع الآخر، جارٍ في الكون مثل المطر.
لقد أقيم المعرض منذ انطلاقه في عام 2010م في أربع عشرة دول أوروبية وأمريكية وأسيوية، إضافة إلى محطته الداخلية في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في الظهران، حيث أقيم أول معرض لروائع آثار المملكة في متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس في 13 يوليو 2010، ثم مؤسسة «كاشيا» ببرشلونة، ومتحف الإرميتاج بروسيا، ومتحف البرجامون ببرلين، ومتحف ساكلر بواشنطن، ومتحف «كارنيجي» ببيتسبرغ بالولايات المتحدة الأمريكية، ومتحف «فيتوريانو» بروما، ومتحف «الفنون الجميلة» بمدينة هيوستن، ومتحف «نيلسون-أتكينز للفنون» بمدينة كانساس، ومتحف «الفن الآسيوي» بمدينة سان فرانسيسكو، ثم في المتحف الوطني في العاصمة الصينية بكين. تلاه المتحف الوطني بالعاصمة الكورية الجنوبية سيئول، ثم في المتحف الوطني الياباني بالعاصمة اليابانية طوكيو .
هكذا نجد أنفسنا ونحن برعاية من يرعى السياحة والتراث، مثلما ترعى القمر أطراف النجمة في جسم السماء، مثلما يرعى الأستاذ طلابه، لتصير الحضارة كتابا محتويات أوراقه موجة لا شائبة فيها، على سواحل لآلئ التاريخ والنور .
هكذا نحن نعيش أزهى حضارتنا، ونحن نسكب آثارنا عبر مسارات العصر الحجري القديم إلى العصور القديمة السابقة للإسلام، ثم حضارات الممالك العربية المبكّرة والوسيطة والمتأخرة، مروراً بالفترة الإسلامية والفترة الإسلامية الوسيطة، حتى نشأة الدولة السعودية بأطوارها الثلاثة إلى عهد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه -.
فشكراً لمسار معرض تسمّى باسم وطن يسير في وهج النور والارتقاء، على صحن مدينة «أبوظبي» التي أشرقت اسماً ومكانة، وملأت الدنيا سمعة حضارية على مستوى العالم بـ»اللوفر»، ببديهة من بدَهَ أن الحضارة أساس لكل شعب وفخر لكل فرد.
وشكراً لسمو أمير سياحة وتراث سما السابق بمنهج ومنجزات مشروعه السياحي والتراثي (الخيال الممكن)، بكل التفوق والنجاح، وأسعد محبيه بفضاءٍ معشوشب بالعطاء الجاد الفاعل والمؤثر في الوجدان .
حفظ الله حضارة وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) وأهله الأوفياء.