د. محمد عبدالله الخازم
اختتم قبل فترة موسم الجنادرية السنوي، وكما هو معتاد تنتهي الفعاليات ولا ينتهي شغف محبي التراث في الإقبال عليها. نكتب مرةً أخرى عن الجنادرية في ظل تولي الأمير الشاب عبدالله بن بندر دفة القيادة بوزراة الحرس الوطني، مسلحاً بالانفتاح على الأفكار الحديثة والقدرة على التنفيذ لما هو مقبول وممكن في تطوير الحرس الوطني. أكثر من ثلاثة عقود والحرس الوطني يدير ويطور الجنادرية حتى غدت ذات شخصية ووجه مميز ضمن مواسم الثقافة المحلية والعربية، لكن الزمن يتطور والفكر يتطور في إدارة مناشط الثقافة والسياحة والتراث. لقد أبلى الحرس الوطني وأحسن فيما فعل طيلة سنوات، لكن في النهاية هو مؤسسة عسكرية أصبح لها شخصيتها وكينونتها التي لا تحتاج فعلاً ثقافيًّا يبرز وجودها وهويتها. كما أن شجاعته كمؤسسة عسكرية في سد فراغ تنظيمي وإداري سابق في مجال الثقافة والتراث والسياحة والترفيه مقدرةً لكنها لم تعد مطلوبة في ظل تطور مؤسسات الدولة في المجالات الآنفة الذكر. أمام ذلك تأتي الأولوية أو المقترح الذي كررناه والمتمثل في كونه حان الوقت لتخلي الحرس الوطني عن مهمة تنظيم والإشراف على الجنادرية وتسليمها للجهات ذات العلاقة كالسياحة والثقافة والآثار والترفيه، وذلك أسوة بما فعلته إمارة مكة المكرمة بتسليم عكاظ بعد أن اشتد ساعده إلى هيئة السياحة والآثار. الجنادرية تحوي مكونات الثقافة والآثار والترفيه والثقافة، ولست أعلم أي جهة أقرب إليه، لكن ذلك تفصيل يحتاج نقاش، فالفكرة الأساس هنا هي حث وزارة الحرس الوطني للتخلي عن إدارة المهرجان للجهة ذات العلاقة.
الجنادرية لم تعد مجرد سباق هجن أو احتفال موسمي في وسط الصحراء بل أصبحت قرية ذات معالم ومبانٍ ثابتة وذات نظام معلوم، ونحن نبني القدية جنوب الرياض أجده منطقياً وأقرب للتنفيذ تحويل الجنادرية إلى قرية سياحية تراثية دائمة، في الجانب الآخر من العاصمة، مع بقاء موسمها الثقافي (سباق الهجن السنوي والعروض والرقصات الشعبية والندوات) سنوياً، إن اقتضى الأمر، وفي ظل موقعها ووجود المساحات الكبرى حولها فليس أمراً معقداً تأسيس منشآت ترفيهية وسياحية وتسويقية مجاورة للقرية التراثية، لتكون أكثر جدوى وجذباً على مدى العام.
أحد الأفكار التي سبق أن طرحت يتمثل في تسليمها لشركات القطاع الخاص المتخصصة في الترفيه والسياحة لتولي تأسيس المرافق ذات العلاقة وتولي تشغيلها وإدارتها كأي قرية سياحية تراثية عالمية، أو تأسيس شركة خاصة بها تتولى استثمارها وإدارتها بدعم من صندوق الاستثمار. هناك فرص استثمارية كبيرة في الجنادرية كقرية متكاملة تشمل القرية التراثية وميدان سباق الخيل والهجن وما قد ينشأ من أسواق تجارية ومطاعم وملاهٍ وألعاب ترفيهية مجاورة للقرية التراثية القائمة...
أكرر التقدير للحرس الوطني على تأسيسه وإدارته لمهرجان الجنادرية ونجاحه في ذلك حتى الآن.