كان لتأسيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قصة خاصة حيث بدأت بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيساً لها بدون مقر ولا موظفين ولا ميزانية بل بسلفة من الراحل الكريم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمة الله عليه- واليوم قد ودعها وفيها 1700 موظف كلهم من المواطنين المؤهلين وتعمل على أكثر من 20 مسارًا في كل الاتجاهات السياحية.. بل وخرج من رحمها هيئات سيتحقق معها بعض أهداف رؤية المملكة 2030.
ورغم كل التقاطعات مع الجهات الحكومية إلا أنه تمكن من استصدار تنظيم للسياحة وبموافقة كافة الجهات ودعمها وكان يعتبرهم شركاء للهيئة وهذا بفضل إيمانه بالرأي العام واحترامه لكل الشركاء.
وانتقل للهيئة عدد من مهام الجهات الأخرى كقطاع الإيواء السياحي، ووكالات السفر، والآثار والمتاحف واتسمت عملية الانتقال بسلاسة وبرضا الجميع ولم يسمح بأي خلاف أو تدخل لجهات عليا يواكب مثل هذا الإجراء، ولم يقبل بانتقال أي قطاع إلا إذا كان واثقاً أن الهيئة ستحدث نقلة نوعية فيه.
ومن الشواهد للتاريخ وعلى سبيل المثال:-
- تضاعف عدد الفنادق والوحدات السكنية المفروشة أضعافاً كثيرة، كما زادت الشركات العالمية المشغلة من عدد لم يتجاوز أصابع اليدين إلى أكثر من 50 شركة حالياً.
- تأسيس منظومة أنشطة السفر والسياحة سواء من خلال تطوير آليات عمل وكلاء السفر والسياحة أو فتح أنشطة جديدة مثل منظمي الرحلات السياحية والمرشدين السياحيين.
- طور سموه الكريم مع وزارتي الداخلية والخارجية نظام التأشيرة السياحية وتم استقبال عشرات الآلاف من السياح المختارين بعناية من مختلف دول العالم.
- أحدث نقلة نوعية في نشاط المعارض والمؤتمرات بعد أن كانت إدارة صغيرة في وزارة التجارة حيث استصدر أمر من مجلس الوزراء بتحويل النشاط إلى برنامج للمعارض والمؤتمرات على أن يكون برنامجًا مستقلاً لمدة 5 سنوات وبعد ذلك يقيم النشاط، وينظر في تمديد البرنامج أو إنشاء هيئة مختصة له وهذا ما حصل فعلاً مؤخراً.
- أسس برنامج الخزف والصناعات اليدوية واستصدار أيضاً قرار بذلك من مجلس الوزراء لتشكل له لجنة إشرافية من عدة وزرات وحوله من مجرد نشاط يمارسه الشخص المحتاج مادياً إلى قطاع اقتصادي يصنع فرصًا للعمل وينمي الإنسان والمكان به ويساهم بعد ذلك في تنمية الوطن.
- ساهم وتبنى برنامج تسجيل المواقع في قائمة التراث العالمي وكان هذا من أعقد الملفات بل كان الكثير يستبعد أن تسجل مواقع المملكة في هذه القائمة العالمية والآن لدينا أكثر من 5 مواقع مسجلة عالمياً وفي وقت قياسي.
- لفت النظر وحفز كافة الجهات على الاهتمام بالمواقع الثرية سياحياً، ونرى الآن أن بعض هذه المواقع أسس لها هيئات مستقلة مثل (الدرعية - العلا).
- تبنى تأسيس برنامج للمساجد التاريخية وكانت قبل ذلك مبانٍ أُهملت إما جهلاً أو تجاهلاً فحولها إلى مساجد تُقام فيها الصلوات وتُذكر الجميع بتاريخها ومن بناها ومن صلى بها.
- طور مساراً خاصاً ضمن قطاع التراث العمراني لإعادة الحياة للمدن والقرى القديمة وجعل ثقافة تنافسية تنبع من الأهالي وملاك تلك المنازل الأثرية وأطلق شعارًا (من الاندثار إلى الاستثمار).
- أسس منظومة احترافية من المهرجانات وطور مفهوم المهرجانات السياحية في المناطق وركز في ذلك على هوية كل منطقة، واليوم نشهد تنوعًا غير مسبوق مثل: مهرجان الحريد في جيزان والزيتون في الجوف والورد في الطائف والكليجا والتمور في القصيم وغيرها الكثير.
- النجاح الكبير في التطبيقات التقنية حيث إن الهيئة تعتبر من أميز الجهات في تلك الاستخدامات بل إنها حصلت على جوائز محلية ودولية في هذا المجال.
- من أوائل الجهات التي أسست مفهوم المعلومات وتصنيفاتها من خلال تأسيس (مركز المعلومات السياحية) الذي اختارته منظمة السياحة العالمية ليكون مرجعاً في منطقة الشرق الأوسط.
- قاد سموه الهيئة لإطلاق مبادرة تأسيس مركز متخصصٍ لنخبة الموارد البشرية السياحية لتوفر للقطاع الخاص الكوادر المدربة وتعالج مشكلة السعودة في هذا القطاع ونتائجه كوادر مشرفة.
- قاد سموه برنامجاً تثقيفياً مع وزارة الشؤون البلدية وأمانات المناطق لزيارة الأمناء ورؤساء البلديات لمناطق الآثار في دول العالم واستنبات الاهتمام المحلي لها ولمس الجميع تغير ثقافة الإزالة للمباني التراثية إلى مساهمة البلديات مع الأهالي والتعاهد بالمحافظة عليها وصيانتها.
ختاماً.. سيظل بناء السياحة بكل تنظيماتها ومساراتها وبرامجها وتفاصيلها الدقيقة ومساهمتها في الناتج المحلي والاهتمام بالتراث والموروث يدين بالفضل الكبير لسموه الكريم.. مع التطلع لتنفيذ البرامج واستكمال باقي الملفات التي بذل فيها فكرًا وجهدًا ومالاً يستحق المواطن أن ينعم به.