عندما يقوم المرء بتجارب منطقية في حياته بشكل عام ولأهدافه بشكل خاص فيجد أحياناً أنها قابلة للتحقق، إلى جانب أنه يملك العزيمة والقناعة والإيمان بقدراته حتى يخصص وقتاً في جدول أعماله اليومية داخل الحقل الزراعي لإجراء التجارب والبحوث على عدد من الزهور والأشجار التي تحافظ على أراضي البلاد الكريمة من آفة التصحُّر.
وقد أصبح النجاح لقباً لا يناله إلا عدد من الناس بل يصنف عند الغالبية من البشر بأنه معادلة معقدة يصعب تفكيكها وحلها، فهو عبارة عن ساعة واحدة يتم تخصيصها يومياً لتقوية الذهن والفكر والبدن، ويمكن توزيعها إذا أمكن بحسب ما يناسب وقته داخل الحقل، ومن الصعب التنبؤ بتلك التجارب والبحوث بمستقبلها، لكن من السهل إدراك مميزاتها وعيوبها وهي ليست مقياساً للجودة أو الضعف وإنما هي جداول مزروعة وعندما تطلُّ على واحة خضراء من الزهور والورود والأشجار المتعددة التي تعانق بعضها البعض عناق حبٍ وعشقٍ، وتجد صاحب الواحة الخضراء الأستاذ عبد الرحمن الجابر يتجول داخلها وينظر إلى هذه التجارب داخل الجداول بعناية فائقة وحرص شديد على إخراج هذا العمل إلى دائرة الضوء، فهذا لن يأتي إلا بعمل دؤوب ومستمر، فقد تحدث بطريقة شيِّقة قائلاً : تلعب الأشجار التي تناسب المناطق الجافة وشبه الجافة دوراً بارزاً في المحافظة على تلك المناطق من ظاهرة التصحُّر بشكل عام، لأن الغطاء النباتي يزدهر بوسائل المحافظة والعناية المستمرة، وذلك عن طريق نشر ثقافة الغطاء النباتي بين أفراد المجتمع.
ومن خلال حديثه الجميل فقد وجدت ضالتي المنشودة، فهو يملك معرفة تامة عن تلك الأشجار التي تناسب مناطق التصحُّر في بلادنا الكريمة، فأردف قائلاً : المناطق الجافة على وجه العموم تعاني أشد المعاناة من قلَّة الغطاء النباتي، وذلك بسبب ندرة الموارد المائية مما يجعل تلك المناطق مناخها حاراً صيفاً وبارداً شتاءً؛ مما يتسبب في إثارة العواصف الترابية بين فترة وأخرى محدثة جفافاً حاداً ومدمراً في القشرة الأرضية، مما يجعل من الأهمية بمكان توفير الأماكن الجيِّدة لمساقط المياه كوسيلة حديثة وناجعة للتحكم في مياه الأمطار وتوجيهها التوجيه الصحيح، وتسخيرها لتنمية الإنتاج النباتي مع تفادي الانجراف وفقدان التربة وترسبها في السدود، ما يؤدي إلى هلاك التربة الزِّراعية.
فالغطاء النباتي له أهمِّيَّة كبيرة في ديناميكية مياه الأمطار، حيث يخفف من أثر قوة هطولها وقدرتها على جرف التربة ويساعد على تسربها لكي تستفيد منها النباتات والشجيرات الصِّغيرة، وتتسرب أجزاء منها داخل التربة حتى تصبح مخزوناً ضمن المياه الجوفية كاحتياطي مستقبلي، فالواجب على الجهات المعنية تطوير تقنيات حصاد مياه الأمطار واستزراع الأشجار المحلية أمثال : السّمر النجدي - الطلح - العرعر - السدر - السنط العربي - سنط كارو - سنط الصفصاف - السنط الخيمي - السنط الذهبي - السمر اللبخ - القلقاس - البيرق البصيل - النيم القطين - شوك الضب - الجهنمية - الأرطى - العشر - اللصف - الشفلح - العشروق - الخروب - الحنظل - الأترنج - المديد - الزنبق - النجيل - الرمرام - الفل - الياسمين - السمار - العوسج - السرح - الريحان - القرضي.
فهذه بعض أسماء الأشجار التي تناسب أجواء بلادنا الكريمة، وذلك من أجل الرفع من الإنتاج وزيادة الغطاء النباتي، فالتنمية المستدامة لكافة الأشجار تعتبر المناطق الصحراوية من عوامل التصحُّر وذلك بسبب ترشيد استخدام المياه، مع مراعاة الأخذ بالطرق المناسبة لجعل تلك المياه تحقق أكبر عدد ممكن من الإنتاجية وتحافظ على أسس البيئة وتطور الآليات التي تمكن من تفادي الهدر المائي.
فالمرء المتمكن هو الذي يرتجى منه كل ذلك العمل، ليس كل من قرأ وكتب ولا كل من تعلم وعلم، وإنما المأمول لمثل هذا هو المرء القادر على فهم الحالة الراهنة بشكل جيد والذي يتسم بالفاعلية والجدية والتضحية والذي يحمل في جوانحه قبل هذا وذاك حرقة على المناطق الجافة وشبه الجافة المصابة بعوامل التصحُّر، فإذا شعر الناس بشكل عام بفقدان الغطاء النباتي كان الأجدر بهم أن يلعبوا دورا بارزا في وضع الحلول المناسبة وذلك عن طريق التشجير داخل المنازل وداخل الأحياء والميادين والحدائق والمحافظة على المسطحات الخضراء، وبتلك الطريقة يرفعون سقف العطاء النباتي في كافة أنحاء البلاد وبين العتبة والسقف تنمو ثقافة التشجير للأمة، وهكذا فهذا الأمر يعد مطلباً مهماً وضرورياً لإيصال رسالة التشجير بين أفراد المجتمع.
والله الموفق والمعين