خالد بن حمد المالك
يتحدث الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء ووزير خارجية قطر السابق عن أن واشنطن ودولاً أخرى كثيرة بدأت تجني ثمار الخلاف الخليجي من خلال ما تصرفه الدول الأطراف في الأزمة على اللوبيهات والندوات والمكاتب الاستشارية والقانونية، وأنه يُراد للخلاف أن يبقى دون تصعيد أو اختفاء، وما قاله الشيخ هو الحق، ولكنه لو كان صادقاً فيما يعنيه لحصر ما يتم صرفه على المستشارين والقانونيين، والإعلام وغيرهم في دولة قطر، إذ هي من تشتري الذمم، وتوظِّف المال، وتستدعي كل صاحب موقف معاد للخليج في مؤامراتها ضد دول الخليج.
* *
لكنه يحاول أن يبرئ ساحة قطر من استخدامها للمال العام في دفاعها عن موقفها الصعب في هذه الأزمة، وليته اكتفى بذلك، وإنما أسرع لإلصاق هذه التهمة بالدول المقاطعة، مضيفاً أن ما يُصرف على الترويج لأفكارها هي أموال الشعوب، وفي هذا فإن الشيخ حمد يتناسى أنه لا غيره ينام على كنز من أموال الشعب القطري، ويدير إمبراطوريته المالية من قصره في لندن، يعني أن آخر من له الحق بأن يتحدث عن أموال الشعوب هو الشيخ نفسه.
* *
يعرف القطريون أن قطر أعطيت أكثر من فرصة لتتخلَّى عن دعمها للإرهاب، وأن تبتعد عن مؤامراتها ضد قيادات ودول مجلس التعاون، ولم تكن مقاطعة قطر إلا بعد أن استنفدت الدول المقاطعة كل المحاولات في ترويض قطر، ولم تكن المقاطعة نزوة مفتعلة كما فهمها أو أفهم بها من قضى ربع قرن وزيراً لخارجية قطر، مما اضطر المقاطعين أمام التعامي القطري عن كل هذه الحقائق، إلى وضع الشروط الثلاثة عشر، أمام نظام يوقِّع على بياض، ويقبل بكل الشروط، لكنه لا يلتزم بأي شيء.
* *
وضمن التدخل السافر في شؤون المملكة من رجل يدّعي أنه حريص على النسيج الاجتماعي الخليجي، يتحدث الشيخ حمد عن أنه لم يعد هناك في المملكة من يفكر -هكذا يقول! - ويفسر ذلك بأن ولي العهد ليس عنده مستشارون على مستوى عال، مع توفر الكفاءات بالمملكة، بما لا يوجد مثيلاً لها في دول كثيرة، لكنهم يحتاجون إلى الأمان ليقولوا رأيهم بكل وضوح ودون خوف، إلى آخر ما قاله من سقط القول في هذا الشأن، بما أستحي أن أواجه به القراء لو ذكرت ما تحدث به عن مواصفات المستشارين من عبارات سمجة لا يسمح عاقل أن تُنسب إليه، لكن الشيخ حمد لا حرج عنده عندما يتحدث بهذه الصفاقة وبدون حياء التي كانت ضمن إجاباته في هذا اللقاء.
* *
لقد انتصر في آرائه لإيران، ولإسرائيل، فهو يريد من دولنا أن تجلس مع إيران، وتتحاور معها، متجاهلاً وضعها في العراق وسوريا، وموقفها من اليمن، واحتلالها للجزر الإماراتية وتدخلها في اليمن، وحتى في قطر، والكويت، ومؤامراتها في البحرين، أما عن إسرائيل فهو وزير خارجية سابق، وربما أنه يجهل أنه تم الجلوس مع الإسرائيليين، وتم الاتفاق بمظلة أمريكية ودولية على بنود تهيىء لإقامة الدولة الفلسطينية، وكانت نتائج هذا الاتفاق مقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الفلسطيني، وإلغاء ما تم الاتفاق عليه من طرف واحد. وباعتبار قطر حليفاً إستراتيجياً لكل من إيران وإسرائيل، فلعلها تنجح في تحقيق إقامة الدولة الفلسطينية، وقبول إيران بمبدأ عدم التدخل في شؤون دولنا الخليجية، وإعادة الجزر المحتلة إلى الإمارات.
* *
هناك مضامين أخرى كثيرة في لقاء قناة (روسيا اليوم) مع الشيخ حمد بن جاسم، تجنبنا الخوض فيها، أو التعليق عليها، مع أنها تشكِّل خطورة على أمن دولنا، وتمثِّل امتداداً وتأييداً لأطماع تركيا وإيران وإسرائيل في منطقتنا، فيما أن قطر تهيأ لتكون بوابة المستقبل المفتوحة لتوسع الدولتين إيران وتركيا في التدخل بشؤوننا المحلية، وابتلاع إسرائيل لما تبقى من الأرض الفلسطينية.