إبراهيم عبدالله العمار
رأينا في المقال السابق نظرية العالم النفسي إريك إريكسون عن مراحل الحياة والتي تتكلم عن طبيعتك النفسية في كل مراحل حياتك، فكل مرحلة منذ ولادتك وإلى آخر عمرك لها أزمة وسؤال تتصارع معه، وإذا اجتزتَ كل مرحلة بنجاح صرتَ سوياً.
ماذا يحدث إذا فشلتَ في اجتياز أي من تلك المراحل؟ الذي يحصل أنك تمر بمشاكل وصعوبات تؤثر عليك بقية حياتك. يرى إريكسون أنك لن تكمل حياتك بنجاح إلا إذا اجتزت تلك المراحل ولو بعد عشرات السنين.
لنأخذ بعض الأمثلة. المرحلة الأولى (أول سنة في عمرك): الأزمة هي الثقة، يجب أن توفرها الأم لرضيعها، فإذا نالها انتقل بنجاح للمرحلة التالية. لكن ماذا لو حُرِمها الرضيع؟ ماذا كانت المعاملة قاسية أو متذبذبة؟ لا يكتسب الأمل. يخشى العالم. يضره هذا مدى حياته حتى في علاقاته مع الغير، وفقط إذا واجه المشكلة وتجاوزها ولو كان عمره 50 سنة يبدأ يتحول لشخص طبيعي.
المرحلة الثانية (1-3 سنين): الأزمة هي الاستقلالية، ويجب أن يُعطى الطفل حرية ليختار طعامه وملابسه. إذا كثر انتقاده أو التحكم به فيشكك في قدراته على التعايش ويفقد ثقته بنفسه ويعتمد على الآخرين.
المرحلة الثالثة (3-5 سنين): الأزمة هي المبادرة، وعلى الأهل أن يعطوا الطفل مساحة ليبادر بأنشطة من اختياره وليفرض نوعاً من التحكم بعالمه، وإذا تضجر الأهل من أسئلته الكثيرة أو أشعروه أنه مزعج أو حرموه تلك الحرية فإنه ينقمع ويشعر بالذنب، وهذا يبطئ تفاعله مع الناس ويثبط إبداعه.
المرحلة الرابعة (5-12 سنة): الأزمة هي القدرة، يسأل: «هل أنا كفء أم ناقص؟»، يرغب في إكمال الشيء إلى نهايته بدلاً من العبث واللعب اللحظي. التشجيع ضروري هنا، وإذا لم تشجَّع كفاءات الطفل فإنه يشعر بالنقص، ويشكك في إمكاناته.
المرحلة الخامسة (12-18 سنة): المراهقة أهم مرحلة حسب رأي إريكسون ولها أشد تأثيرات مستقبلية. الأزمة هنا هي الهوية. تتصارع مع نفسك لتعرف من أنت، أين مكانك في من حولك. إذا لم يَقدر المراهق أن يؤسس هويته ضمن مجتمعه فهذا يشوش دوره ويصير لا يعرف مكانه في المجتمع، والهوية لها أوجه كثيرة، منها الاجتماعي والمهني، منها أيضاً الجنسي، فإذا قُمِعَت فِطَرُ المراهق (كالميل للجنس الآخر) بلا أي توجيه ولا خيارات أخرى فستظهر هذه الرغبات إما كشذوذ أو بعد عشرات السنين (مراهق في الخمسين ظاهرة حقيقية).
المرحلة السادسة (18-40 سنة): أزمة المرحلة هي الحب، ومن المهم تكوين علاقات قريبة وحميمة مع من حولنا، وعدم اجتياز هذه المرحلة يصعّب عليك إقامة علاقات حميمة مع الغير ويضع الحواجز بينك وبينهم. تخشى الالتزام نحو الناس (زواج، صداقة، إلخ). وهذا يؤدي للانطوائية والوحدة وأحياناً الاكتئاب.
المرحلة السابعة (40-65 سنة): الأزمة هي الرعاية، يجب أن تشعر أنك راعٍ تقدم الدعم والحنان والصداقة والحميمية، إذا لم تجتزها تشعر بالركود وتشعر أنك غير منتج.
المرحلة الثامنة (65 فما فوق): الأزمة هي الحكمة التي يجب أن تنالها، إذا شعرت أنك لم تصنع حياة منتجة باذلة أو شعرت بالذنب نحو ماضيك أو لم تنجز فإنك تشعر باليأس وقد يؤدي هذا للاكتئاب وفقدان الأمل.