أ.د.عثمان بن صالح العامر
أعتقد أن في كل جامعة سعودية حكومية أو أهلية عمادة أو على الأقل إدارة للجودة الأكاديمية، وهي بالاتفاق - أعني الجودة - لها أهميتها البالغة في العملية التعليمية سواء في المرحلة العامة أو العليا، والمعيار الحقيقي والمقياس الصحيح لهذا المصطلح الذي راج في السنوات الأخيرة بشكل كبير هو انعكاس الجهد الأكاديمي على المخرجات التعليمية، إذ إن كل ما نراه من كوادر بشرية ومبانٍ وتقنيات وتجهيزات وندوات ومؤتمرات ومجالس وقرارات هي في النهاية تهدف لتأهيل الطالب والطالبة معرفياً ومهارياً بشكل جيد يؤهله للمنافسة القوية على الفرص الوظيفية في سوق العمل سواء محلياً أو عالمياً.
لقد انتهى الجدال المعروف من قبل بين من يقول إن التعليم لمجرد التعليم والفريق القائل إن التعليم هو في الحقيقة للحصول على فرصة وظيفية تتوافق والمؤهل الذي حصل عليه هذا الشاب أو تلك الفتاة، فصار السؤال الذي يطرحه طالب الخدمة التعليمية : ترى هل لهذا التخصص مستقبل وظيفي؟ أكثر من هذا، هناك بعض القطاعات الحكومية تربط بينهما فتقدم التعليم المنتهي بالتوظيف مما ينهي هذا الجدل من جذوره.
لقد انقضى الزمن الذي كان فيه سوق العمل يستوعب جميع الخريجين في التخصص المطلوب أياَ كان، فصار السوق مع كثرة العرض يختار الأفضل معرفياً ومهارياً حسب متطلبات الوظيفة المعلن عنها خاصة أن الموظف الرئيس اليوم هو القطاع الخاص الذي تقوم فلسفته الأساس على: ما المردود المالي الذي ستجنيه مؤسستي أو شركتي من توظيف هذا الموظف «العنصر البشري الجديد»؟.
المحصلة النهائية من كل ما سبق أن الجودة مطلب ملح أكثر من قبل في صروحنا الأكاديمية الحكومية منها والأهلية، ولكن- وهذا هو الأهم في نظري، وما يجب أن تتوجه له الجهود، وتصرف عليه الأموال- ترى هل ما هو قائم حالياً في عمادات وإدارات الجودة الأكاديمية في جامعاتنا السعودية هو الصورة الصحيحة للجودة المطلوبة، وهل لهذه الجهود والأموال والأوقات المبذولة أثر في مخرجات التعليم العالي أم أنها مجرد أوراق ولجان وقرارات وفي النهاية لا شيء تغير في المخرجات عمّا كان عليه الحال من قبل؟
لقد أصاب معالي وزير التعليم كبد الحقيقة في لقائه الأول السبت الماضي مع قادة العمل التربوي في التعليم العام حين ذكر أن «الجهود والاجتهادات ليست في مسارها الصحيح دائماً»، مؤكداً وجوب جعل جميع الجهود تنصب بشكل مباشر على الطالب داخل الصف والاهتمام بما يحدث بين أروقة المدرسة، فنحن بحاجة إلى تعزيز وضع المخرجات دون الانشغال بما هو خارج الميدان التربوي وهذا هو السبيل الأمثل لتحسين الصورة الذهنية عن تعلمينا في المملكة العربية السعودية. وما ورد أعلاه هو ذاته المطلب الملح في تعليمنا العالي حتى تتحقق الجودة الفعلية لا الشكلية - في نظري طبعا - مع صادق الدعاء لمعالي الوزير والفريق الذي يعمل معه بالتوفيق والسداد. دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.