مما تستقيم بها حياة الانسان من طعام ومأوى وملبس، وفي رحلة البحث يعقد على حاجياته تلك أمنياته التي تدفعه إلى الاحتمال والسعي، ويتصور في مرحلته تلك أن قصارى سعادته في توفيرها، ولكن في الوقت ذاته، هو حين يشبع احتياجاته تلك يظل في حالة بحث وسعي عما يسد حاجته الفطرية للأمن والاستقرار وذلك من خلال توفير مورد مالي ثابت. ويبقى الإنسان المتزن في رحلته لا يغفل عن الروابط الاجتماعية من خلال علاقات صالحة تبدأ بالعلاقة الزوجية المستقرة ولكن إن فوجئ بما لم يكن في حسبانه كانفصال وتوتر في العلاقات فلا يعني ذلك إعلان الحرب والتعبير عن الرفض والغضب أو حتى اليأس والتفريط في ما بقي في اليد من أرباح...
وإن كانت السعادة هي العنصر المفقود ومحل البحث في نظر الكثيرين. لكنها على أية حال هي مرافقة لنا في رحلة البحث تلك، كل ما علينا الانتباه لها، هي موجودة بأقل تكلفة وأخف جهد : في الاستماع لضحكة طفلك، في مشاركته في لعبه، في الاستماع لقصصه، في الإمساك بقبضة يده الصغيرة، في مرافقته في مغامرات البحث عن شيء ما!
هو فيلمُ سيرةٍ ذاتيّة دراما أمريكي مُستَنِدٌ على قِصّة كريستوفر غاردنر من إخراج غابرييل موكينو وبطولة ويل سميث وابنه جيدن وصَدَر في سبتمبر 2006. الفيلم مَبنيٌّ على قِصّةٍ حقيقيّة وهي قِصّة كريستوفر غاردنر الذي يُحاوِلُ بشتّى الطرق توفير سُبُل الراحة لأسرته الصغيرة، وبعد أن تَهجره زوجَته بسبب الفقر يُقرّر أن يتعلم مهنة جديدة ليحصل منها على المال الكافي ليؤمّن حياةً كريمةً لِعائلته.
وقد نالَ الفيلمُ استِحسانَ النُقّاد، وتَرشّح ويل سميث لنيلِ جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن دوره في هذا الفيلم. كما فازَ الفيلم وترشّح لعددٍ من الجوائز الأُخرى.
في سان فرانسيسكو عام 1981، استثمر كريس غاردنر (ويل سميث) مدخرات عائلته في ماسحات العظام الضوئية والتي حاول شرح طريقة عملها وبيعها للأطباء. هذا الاستثمار جعله يعاني من عدم الاستقرار في محاولات سعي مستمرة للبحث عن مشتري، مما أثر بشكل سلبي على الحالة المالية للعائلة ؛ لذلك تركته زوجته ليندا (ثاندي نيوتن) وانتقلت إلى مدينة نيويورك. في حين أصر كريس على الاحتفاظ بابنهما كريستوفر (جادين سميث) . ليشارك والده فيما بعد في رحلة البحث الشاقة .
حينما كان يحاول كريس بيع واحدة من ماسحاته الضوئية في وسط المدينة؛ التقى بِـ جاي تويستل (براين هاو) مدير لـ»دين ويتر» وأثار إعجابه بحلّه لإحُجية مكعب روبيك خلال رحلة قصيرة بسيارة الأجرة. هذه العلاقة الجديدة بـ تويستل أكسَبته فرصة ليصبح سمسار متدرب لَدى الشَرِكة. كانت الشُروط تَقتضي أن يَتَدرّب المُتقدّمون للوظيفة فترة من الزَمن ويَعملونَ دونَ راتِب حتّى يَتِمّ اختيار واحدٍ مِنهم بعد نجاحِهم في الامتحان.
بدأ كريس بتدريبه وواجَهته عدّةُ مُشكلات، فقد تأزّم وضعه أكثر عندما حجزت مصلحة الضرائب حسابه المصرفي بسبب ضرائب الدخل غير المدفوعة، ثُمّ طُرِدَ هو وابنه من المُنزل فنتج عن ذلك بقاؤهم بلا مأوى، وقد اضطروا في لحظة ما للبقاء في أحد حمامات مترو الأنفاق. ثُم صارَ يَبحثُ عن مأوى للمُشرّدين، وقد وَجدَ واحِداً تُديرُه كَنيسةٌ ما ولكن العدد فيها محدود جداً، ونظراً للطلب الكبير على الغرف القليلة كان على كريس أن يسابق الريح مبكراً كان يخرج كل يوم من مقر تدريبه إلى الكنيسة حتى يضمن له مكاناً في طابور الانتظار الطويل.
تنتهي أحداث الفيلم بخروج كريس مندفعاً إلى الشارع المزدحم، ولكنه هذه المرة كانت رأسه مرتفعة وفي حالة من الابتهاج وعدم التصديق، فلطالما كانت عيناه شاردتين، وساقاه مندفعتان صوب كل اتجاه، وفي مركز الرعاية اليومية لم يقبض بيده يدي ابنه الصغيرتين، وهو في حال عجلة من أمره وإنما احتضنه بين ذراعيه بدموع مختلطة بمشاعر دفينة من البهجة والدهشة والامتنان.