عمر إبراهيم الرشيد
هناك مقولة مشهورة لرائد المسرح والشاعر الإنجليزي وليم شكسبير «الحياة مسرح كبير وكل منا يؤدي دوره فيها»، وهي مقولة في حكمة عند تأمل معانيها. وبرغم ظهور السينما ثم التلفاز، ومن بعدهما القنوات الفضائية ثم الثورة الرقمية، إلا أن المسرح احتفظ بمكانته عالمياً ويحظى بدعم حتى القطاع الخاص، كما أن له شركات إنتاج وممثلين وكتابا متفرغين ومحترفين.
ومعلوم أن المسرح لدينا لن يعود إلى سابق عهده الا بانخراط الوجوه الدرامية السعودية ونجومها، فالنجم الدرامي يتبعه جمهوره أينما حل، وتشكل العودة المرتقبة لناصر القصبي كأحد نجوم الدراما خليجيا ومحلياً إلى خشب المسرح، مع نجوم الدراما السعودية، عودة مأمولة للمسرح السعودي نفسه، وذلك في (الغريدات) المتبادلة بينه وبين رئيس هيئة الترفيه. وحين نذكر نجوم الدراما السعودية نعني بهم عبد الله السدحان، وراشد الشمراني، وهو الممثل البارع الذي ارتكز على تخصصه في الطب النفسي ووظفه مع موهبته وحسه الدرامي ليكون أحد نجوم المملكة والخليج، حيث شكل مع المرحومين بإذن الله محمد العلي، محمد المفرح والنجوم المخضرمين عبد العزيز الهزاع، سعد خضر، علي إبراهيم، علي المدفع، محمد الحوشان، مريم الغامدي وسناء يونس وغيرهم كثيرون ممن لا تحضرني أسماؤهم، شكلوا قاعدة المسرح النشط بداية السبعينيات الميلادية إلى أواخر الثمانينيات. ومعلوم حجم التفاعل الجماهيري مع ذلك المسرح، ويكفي العودة إلى مسرحية (تحت الكراسي) التي ضمت معظم الأسماء المذكورة للتأكد من ذلك التفاعل وحجم النجاح الدرامي، ليس هذا فحسب، وانما الحبكة والنص الدرامي الراقي الذي تناول قضايا اجتماعية حساسة، كانت المكاشفة المباشرة دون مواربة مما أشعل تفاعل وحماس الجمهور الكبيرين. كما يحضر النجوم الحاليون بتميزهم أمثال يوسف الجراح، أسعد الزهراني وحبيب الحبيب وغيرهم.
ولاننسى أن المسرح، شأن أي نشاط وبناء بشري فلابد من العمل المتكامل، فالمسرح بحاجة إلى دعم حكومي وخاص، وإلى كتاب نصوص يتم تفريغهم ودعمهم مادياً ومعنوياً، والى دور عرض كافية، إضافة إلى إعادة الاعتبار للمسرح لكونه أداة تقويم ونقد بناء يمكن توظيفه والاستفادة من كنوز الحضارة الإسلامية على خشبته، كما القضايا الوطنية والاجتماعية.
ومما يجدر التذكير به، أن المسرح سمي بأبي الفنون لأن أداء الممثل فيه دون مؤثرات فنية كالتي في السينما والتلفزيون، من تحايل ومونتاج فني وموسيقى ومؤثرات أخرى. فالممثل أمام الجمهور يعتمد على أدائه المحض، وينبغي له التصرف عند أي طارئ وحفظ النص واستخدام لغة الجسد وغير ذلك مما يثمر في النهاية مسرحية تثري الجمهور، ويخرج بعدها وقد استفاد درساً من دروس الحياة.
إضافة إلى ذلك، فإن المسرح أبو الفنون لأن على خشبته تؤدى مختلف فنون الدراما من كوميديا (ملهاة) أو تراجيديا (مأساة)، نثراً أو شعراً، كما ويحتضن الأوبرا (المسرحية الغنائية) وفن الغناء. ولابد من التذكير كذلك بأنه بدون مسرح نشط راق وهادف فلن يكون هناك إنتاج درامي نشط وراق وهادف أيضا، ليس هذا فحسب، إنما لن يكون هناك ذوق جماهيري فني قادر على النقد البناء وواع بقضاياه الاجتماعية والوطنية.