نوف بنت عبدالله الحسين
كم قيّدتنا الحياة ومسؤوليّاتها وتزايدت كلما تقدّم بنا العمر، فتكبر المسؤوليات وتصغر الأحلام، إلى أن تصبح الأحلام أضغاثاً لا يمكن أن تتحقق في ظل اختناقنا بالمسؤوليّات، إن نحن أخذنا على عاتقنا مسؤولية الحياة ونسينا وقودها في ظل تلاشي أحلامنا، فباتت الحياة تفرض علينا واقعية ثقيلة، تمسح الألوان البرّاقة، وتترك العتمة في روتين الحياة، بيد أن هناك جوانب نؤجلها دون أن نعي بوصلة الزمن وهي تخفي أحلى أيام عمرنا ونحن نلهث خلف مسؤولياتنا الثقيلة...
لست هنا أدعو إلى التملص من المسؤولية، إلا أن الأحلام عضيد ومساند يجعلنا نقوم بمسؤولياتنا كما يجب، أو على الأقل أن لا نطمس شعاع حلم رافقنا يوماً، فلم نعد نراه، وإن رأيناه تحاشيناه...
أحلامنا تشتاق إلينا، لكنها عزيزة وبالتالي إن لم تلحق بها تركتك دون أسف، بينما تأسف أنك لم تعش حلمك، ولم تحاول أن تجازف، أو تعيش مغامرة حلمك، مهما كان...
فالأحلام هي ما تجعلنا نفكر ونخترع ونبتكر، ونعبر عن أصالة ذواتنا واختلافنا وكوامن الإبداع المدفون فينا، هي تجاربنا التي نحتاج صقلها بالخبرات وممارسة المهارات، هي النغم الجميل في إيقاع الحياة، هي أن نمشي في طريق يخصنا دون أحد فنحقق للحلم قصة خالدة في سماوات التجارب الإبداعية أياً كانت...
فلا تسترخص الأحلام، فكم من حلم آمن به صاحبه فخلّده في تاريخ البشرية، وكم من حلم بقي حلماً إلى أن طواه النسيان، فثمن الحلم غالياً، لكنه ثمن يستحق.
قد نحتاج أن نتحرر من مسؤولياتنا بعض الشيء، أن نلعب لعبة الوقت المستقطع من كل شيء، لنمارس الحلم بما يليق فيه، وأن نخصص للحلم جزء من حياتنا، فما الأحلام، إلا نحن، وما نحن إلا أحلام مؤجلة، ننتظر الفرصة لنعيها حقيقة نلامس فيها ذواتنا وأرواحنا وأفكارنا...
دعونا نتحرر من الصعاب، لنحلم كما يجب، ونسعى في تحقيق أحلامنا، ولو بعد حين، فلن يتأخر شيء على الحلم، سوى أن تنساه، وتفرض على نفسك عدم ممارسة حقك في تحقيقه،
فما زال للحلم بقية...