صيغة الشمري
ستظل الطائرات المسيرة بدون طيار أو ما يعرف بـ»الدرونز» شأنها شأن كافة الصناعات التكنولوجية سلاح ذو حدين، فالبرغم من المنافع الكثيرة وأوجه الاستخدام المفيدة التي يمكن أن تلعب فيها الدرونز دورًا مهمًا، إلا أن هناك أيضًا جانبًا مظلمًا في هذه التقنية، يبرر القلق العميق عند البعض من فتح الباب على مصراعيه لاستخدامها، وقد تعمق هذا القلق عندما أعلنت هيئة الطيران المدني عن تقديمها خدمة إصدار تصاريح استخدام الدرونز إلكترونيًا سواء كانت للاستخدام التجاري أو الترفيهي، فتسهيل عملية الحصول على الموافقة اللازمة لشراء الدرونز واقتنائها وتسييرها، يدفعنا للتساؤل عن ضوابط الاستخدام وشروطه؟
أصحاب النفوس الضعيفة لن يعدموا وجهًا من أوجه الاستخدام السيء للدرونز، أبسطها وأقلها هو التعدي على خصوصية الآخرين، وهو ما تجلى في تعليقات الكثيرات على مواقع التواصل الاجتماعي، من أن اقتناء جيرانها لدرونز سيدفعها للتفكير كثيرًا قبل الخروج إلى فناء منزلها أو حتى فتح النوافذ، وهو ما سيجعل بعض السيدات مقيدات الحرية داخل منازلهن، ما يستدعي أن تتضمن شروط الاستخدام حظر تسييرها فوق المنازل السكنية وفي أوقات محددة وكذلك على ارتفاعات معينة. قلنا إن انتهاك الخصوصية قد يكون أبسط الأضرار، فقبل أسابيع توقفت حركة الطيران بشكل كامل في أحد المطارات البريطانية بعدما تم رصد درونز تحلق بالقرب من المدرج، وذلك لما تشكله من خطورة كبيرة يمكن أن تتسبب في سقوط طائرة ركاب على متنها المئات، وهو ما يجب أن نضعه في الحسبان عندما نبحث شروط وضوابط الاستخدام لنتخيل حجم الأضرار البالغة التي يمكن أن يسببها سوء الاستخدام، أضف إلى ذلك الانتهاكات الأمنية التي لها مئات الوجوه والأساليب، والتي يجب أن تدفعنا للتفكير آلاف المرات قبل إعطاء ترخيص لتسيير الدرونز في ظل الظروف التي تواجه المنطقة في هذه المرحلة الحرجة، وفي ظل هذه الأسباب المثيرة للقلق، نعود لنسأل أنفسنا: هل هيئة الطيران المدني هي الجهة الأنسب لإصدار تصاريح تسيير الدرونز؟ وهل استخراج التصريح بشكل إلكتروني يمكن أن يساعد في ضبط عملية الاستخدام والتأكد من توافر الشروط والضوابط اللازمة لعملية التسيير؟