سعد بن عبدالقادر القويعي
لم يكن تعبير -الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- علي القره داغي، عن ألمه لما يحدث في السودان، ودعوته الحكومة السودانية، والمتظاهرين إلى: «الالتزام بحرمة القتل، والتخريب، والإفساد»، سوى مخرج متجذر في سياق مشروع الاتحاد العالمي الفاشل؛ حتى يتمكن من الدفع به نحو مشروع تحرري للمستقبل، قادر على خلق بدائله، -خصوصا- بعد أن اصطدم بيان الاتحاد مع حقائق الواقع الشديدة التعقيد، وسقط مشروعه القذر في حلقة مفرغة من حروب أهلية بين دولة، وأخرى، وانقلابات، وفوضى، وتدخل أجنبي، وهو ما سيشهد به التاريخ، والتجارب الإنسانية، على أن الأحداث التي تلت مخطط ما ُسمى بـ «الربيع العربي» لم تكن أفضل من مقدماته.
عاشت دول المنطقة، وشعوبها سنوات من الضباب، والانحسار، بعد أن عمت أقطار عربية عدة - في الفترة من 2011 إلى 2013 لتأتي تيارات الإسلام السياسى، والتى كانت الأكثر تنظيمًا، وقدرة على الاستفادة من الأوضاع لصالح تحقيق صعودها السياسى، بشكل لا يوازن بين الطموحات العالية، ومنطقية الإمكانات، وإدراك واقع الحال، وصعوبات المسألة النازلة؛ لأن رؤية الإصلاح لم تكن واضحة لنخب ما يسمى بالاتحاد العالمي. كما أنها لم تكن متجلية للجماهير العريضة؛ مما جعل الوضع مستمرًا في إنتاج الأزمات.
كانت دعوات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين -منذ أن تأسس-، وهو يتغنى للأنظمة السياسية العربية، بأنها لم تعد مقبولة، أو يمكن الدفاع عنها، ووضع حد لفشلها التاريخي؛ باعتبارها فشلت في تحقيق القدر الأدنى من التنمية، والاستقرار، والدفاع عن التراب الوطني، والمطالبة بتغيير أنظمة الحكم؛ تحقيقًا لمشروع الشرق الأوسط الجديد، وإعادة رسم خريطة المنطقة؛ وفقا لأهوائها، ومصالحها، -وبالتالي- فإن تحايل التصورات السياسية المتنوعة في رؤية عراب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لا تشتمل على ما يعتبر النكبة للأمة -فحسب-؛ لأنها حملت معها آفاقًا لإمكانيات الفشل الذريع، ومسارات الصراع المقيت، وسلسلة من النكبات الفادحة، كانت حصيلتها -مع الأسف- مئات الألوف من القتلى، وملايين من اللاجئين، والجوعى.