د. محمد عبدالله الخازم
عقد قبل أيام معرض جدة الدولي للكتاب، في نسخته الرابعة، وسعدت بحضوره بعد غيبة طويلة عن معارض الكتب، ومع الإشادة بالمعرض والسعادة بالإقبال الكبير على شراء الكتاب من قبل الأهالي والزوار، إلا أنه لا يمنع من طرح بعض الملاحظات.
* الملاحظة الكبرى وهي المهمة بالنسبة لمحافظة جدة أو منطقة مكة المكرمة تتمثل في عدم وجود صالة معارض متميزة وكبيرة بها، فما زال المعرض في نسخته الرابعة يتم في مقرات مؤقتة وبخدمات مساندة دون المأمول. أيعقل أن تفتقد جدة بإرثها التجاري والثقافي مقر معارض يليق بتنظيم فعالياتها التسويقية الكبرى ومنها معرض الكتاب؟! عليكم تقليد تجربة الرياض بتأسيس الغرفة التجارية مقر معارض متميزًا بصالات عرض ضخمة وقاعات أنشطة ثقافية ومواقف وغيره ..إلخ.
* نعود للمعرض، وواضح أن هناك بعض الضعف في حوكمته، فهل تشرف عليه محافظة جدة أم الغرفة التجارية أم وزارة الثقافة أم وزارة الإعلام؟ لمست ذلك في أسئلتنا عن بعض التفاصيل وفي الأحاديث الجانبية هنا وهناك، وأعتقد أن تعدد المرجعيات ووجود بعض الثغرات في تحديد المهام قاد إلى بعض الملاحظات الأخرى.
* معرض الكتاب مخصص لعرض الكتاب وليس معرض ديكور أو مجاملات لبعض الجهات. معرض جدة برز فيه التنافس في الديكورات ومجاملة لبعض الجهات والقطاعات المشاركة فيه رغم عدم علاقتها بالكتاب والقراءة. لا أدري هل الديكور هو ما يجذب القارئ للأجنحة؟ وهل تحول المعرض إلى منصة إعلانية لكل من أراد؟ القضية ليست مادية فيجامل أو يستقطب منظمو معرض جدة عن من يدعمهم حتى ولو كان شخصًا يحجز مساحة مضاعفة ليعرض سيرته المتمثلة في كتاب واحد. أتمنى توحيد منصات العرض بالمعرض ليكون البحث عن المحتوى وليس الديكور، ومنح المساحات للعارضين وفق حجم المحتوى الذي سيعرضونه من الكتب وليس وفق من سيدفع أكثر ليقيم جناحاً لشرب القهوة وجلسات الأصدقاء!
* أحد شكاوى الناشرين من الخارج هي: هل معرض الكتاب للناشرين أم للموزعين؟ لأنهم فوجئو بالموزع المحلي يبيع كتبهم بأسعار منافسة. تحول المعرض للموزعين سيقلص حضور الناشر الأجنبي، وهذا ما يتعارض وإستراتيجيات معارض الكتب.
* تواقيع الكتب، من خلال ملاحظتي وتجربتي فشلت في المعرض، بسبب مكان منصات التوقيع والتوقيت وغير ذلك من العوامل. أعتقد أن وجود منصات للتوقيع منفصلة عن الناشرين ليست فكرة جيدة، والأفضل أن يتاح لدور النشر تنظيم توقيع كتبها كما تشاء من خلال أجنحتها، إن هي أرادت، وقد تتشارك أكثر من دار في هذا الأمر أو توضع منصات توقيع في مواقع متفرقة في المعرض ولدور النشر حجزها بشكل منظم. معارض الكتب خلقت للناشرين لترويج منجاتهم وتبادل صفقاتهم وهي أعرف بآليات الجذب والترويج لكتابها..
* لن أتحدث عن الحضور والتفاصيل الأخرى، فالتقارير ستوضحها لاحقًا، لكن أختم بتكرار ما كتبته سابقاً عن معارض الكتاب وقد أصبحت متعددة، بإمكانية خصخصة تنظيم معارض الكتب، ومنذ الآن أدعو معرض الرياض للكتاب إلى تنظيم ندوة عن معارض الكتاب السعودية؛ تاريخها، آلية تنظيمها ومستقبلها.