فهد بن جليد
على المدى البعيد سيختفي التلفزيون عن الأنظار، اليوم 40 في المائة من الأمريكيين لا يُتابعون التلفزيون أو وسائلهم الإعلامية التقليدية الأخرى، فهم يستقون معلوماتهم ويُشاهدون محتوى برامجهم وأفلامهم وأخبارهم عبر المنصات الجديدة، هنا يجب التفكير بطُرق غير تقليدية وخارج الصندوق للحاق بالركب بالنسبة للمُنتجين والمُتلقين على حدٍ سواء، الجيل الرقمي الجديد لم يعد مُهتماً بصناعة محتوى التلفزة التقليدية داخل الحدود، فيما تُنفق المليارات سنوياً لإنتاجه، عندما يتوقف مئات الملايين من الأشخاص عن مُتابعة التلفزيون فهذا يعني ضرورة تغيير إستراتيجية الإنتاج، بعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة في المنطقة بدأت في إطلاق منصات إلكترونية محدودة لتواكب التحول الذي تشهده صناعة الإعلام بوجه عام ووسائل التواصل على وجه الخصوص، ولكن يبدو أنَّ هذا غير كاف.
أين نحن من هذا التحول؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن تفكر في الإجابة عليه مؤسساتنا الإعلامية، كخيار إستراتيجي للبقاء وفلسفة يبدو أنَّها ما زالت بعيدة عن صنَّاع الإعلام، لضمان حضور وسائلهم الإعلامية بالشكل الفاعل، تلبيةً لاحتياج الجمهور بمختلف اهتماماتهم وتطلعاتهم الجديدة لناحية سرعة الوصول للمعلومة واستعراض المحتوى بأسلوب رقمي مُبتكر، فهناك تراجع لناحية المُتابعة التقليدية لصالح صُنَّاع المحتوى الرقمي الجديد ممَّن لا يملكون الخبرة والدراية الكافية والآمنة لصناعة محتوى مُفيد ومُسَلٍّ في ذات الوقت، وهو ما خلق سوقاً إعلامية وإعلانية جديدة مُوازية بدأ فيها الهواة سد الفراغ بصورة مُشوَّهة لا تضمن تطور المحتوى وفائدته، ففي حال استمرت المؤسسات الإعلامية بعيدة عن صناعة المحتوى الرقمي بشكل احترافي رزين ومُنافس ومُشوِّق، ستبقى عجلة صناعة الإعلام «ككرة الثلج» التي تتدحرَّج وتكبر يوماً بعد آخر بعيداً عن النتائج المطلوبة بفعل الهواة والمشاهير الجُدد.
المُصطلحات الإعلامية هي الأخرى تتغيَّر وتتشكَّل بعيداً عن التقليدية، فالوسيلة استعيض عنها بالمنصَّة، والجمهور أصبح يُعرف بالمُستخدم في دليل على مزيد من الفردية في اختيار المحتوى، كما أنَّ الصورة حلَّت مكان عشرات الكلمات وباتت تحرِّك المياه الراكدة في كل اتجاه، ومقطع لا تتجاوز مدته الدقيقة والنصف بات يصنع رأياً ويُؤثِّر أكثر من حلقات برنامج أو مادة تلفزيونية مُعتبرة بانتشاره وتداوله في كل الأوقات إضافة لحفظه واستعادته من الجمهور وقت ما يشاء بسهولة، فهل من الأفضل أن نُبقي هذه القوة الناعمة بتأثيرها الكبير مُستترة، أم نحتويها وصُنَّاعها الجُدد ضمن الماكينة الإعلامية لتصبح جزءاً منها؟ حتى لا تنفرد بإحداث تأثير مُشوَّه على ذائقة المُتلقين واتجاهاتهم على أقل تقدير.
وعلى دروب الخير نلتقي.