مها محمد الشريف
قال كارل ياسبرز: (تعاظم لحظات الفراغ الذاتي مع هيمنة التقنية سيطرت على عالم تنظمه الساعات، وأعمال شاغلة وخاوية تتناقض فيها الاستجابة، وبالتالي تعيق أحيانًا طموحات إِنسانية حقيقية، ينتهي الفرد إلى الإحساس بأنه لم يعد هو نفسه إلا دولابًا يدور في هيكل الحياة الصناعية).
كما يرتبط عالم اليوم بالتحولات التقنية والاقتصادية فهو يثري المشهد الرائج بالمعنى الدقيق من وسائل الاتصال الجماهيرية المختلفة والوسائل الإعلامية التي تجعل ما هو سطحي يبدو أشد بريقًا واستحواذًا على اهتمام الناس، وتحث على تشخيص الواقع بشكل مغاير وهو ما طرأ في الحضارة المعاصرة، وهكذا يكون للمجتمع القدرة على إعلان الاحتياج الأساسي للتجدد والتغلب على مفهوم التحولات التقنية ودورها الوسيط بفعل التلازم الضروري.
في دلالة مباشرة وتقليدية لما تقوم عليه حضارة العلم والتقنية، والأدوار المختلفة التي تلعبها في الحياة وتجعلها ارتباطات متصلة بين الاقتصاد ووتيرة الحياة بشكل عام، وإن ارتبطت أغلب عناصرها ببعضها لن يجد الفرد دلالة واضحة تلم بطبيعة الحياة وتطور «الواقع الافتراضي» الذي تبنته المدارس الصينية في المرحلة الابتدائية مستخدمة فيه نظارات بتقنية الواقع الافتراضي في صفوفها الدراسية، وذلك لتسهيل عملية التعلّم وتبسيطها.
ببساطة تحتاج مدارسنا إلى توفير تقنية الواقع الافتراضي وتحسين البيئة التعليمية وإضافة أجواء تفاعلية لكي يعي الطلاب أهمية أغلب المستلزمات التي لا يمكن أن تتحقق إلا بمؤازرة التقنية والتأقلم، فإن الشيء المنهك اليوم هو البحث عن الراحة التامة التي تجمع شتات الظروف دفعة واحدة، دون النظر إلى المصير الغامض الذي ينتظره العقل المعاصر، لكي يتفوق على التوتر وسرب التناقضات.
تلك هي على التقريب الحقائق التي كشف عنها الفيلسوف والطبيب «كارل ياسبرز» عن استسلام الفرد للعالم وللعادات وللشعارات والطرق المتعرجة، وذكر العنف الذي يصادف الفرد تجاه الذات، مما جعل الحاجات الإِنسانية تتنوع بتنوع الزمان والمكان وتنمو وتتزايد حسب أبعاد الحياة اليومية.
فكانت أغلب الأساسيات التي تقرر جوهر هذه الحياة ومعطياتها، يترتب عليها دمج الفرد في آلية الممارسة التي أهدرت عقلنة أنشطته، وأخذته إلى حياة رتيبة، واستقطع منها مساحة كبيرة لأسباب هذه الوتيرة المتكررة التي تصيب الإِنسان أينما كان.
بينما أعطى أمثلة على مقومات هذا العرض، وأضاف إلى ذلك طبيعة الفرد واختلاف حالاته كل حسب بيئته المحيطة، مما أدى إلى توافق الآراء، واحترام قواعد التواصل لكي يبقى الفرد موجودًا في كل الكتب والسجلات في أحسن حالاته، فالعوامل التي أشار إليها الفيلسوف، قد تحيط ببعض الجوانب ومدى صلتها بكل فرد.
نروم في هذا النص توضيحًا لبعض الأساسيات الروتينية المتكررة، ومن أهمها الإطار النظري الذي نستطيع تقديمه لهذا الفرد الذي يعمل من أجل حياة أفضل، ومفهوم أقوم، مناضلاً ومجتهدًا، علمًا أن أفضل الصفات هو الاجتهاد لما له من أنماط متعددة لا تنحصر في نمط واحد، التي دعت للملل والروتين الذي يسطح الأهداف، والآمال ويكسب الأجواء شحوبًا وفوضى لا تحقق سوى ضجة لا تناسب واستمرار الحياة..
ثم إن الأساس هو تشكيل المعطى الحسي ليدرك الفروقات التي تسهم في الكشف عن قيمة المعارف اليومية ومستوياتها، وتقدير المعنى لكل تصرف يأتيه الفرد سواء واجه الحياة بتأسيس قواعد لها أو لم يستطع حسم شأنها، وتقديرًا للصيغة التي تحدد مشروعية هذه الحياة وتحل إشكال هذه الأدوار والتحرر من الأخطاء.